للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذا أمر معلوم يشهد له الواقع، فكم كان البر سببًا للنجاة والسعادة والتوفيق! وكم كان العقوق سببًا للهلكة والشقاء، وعدم التوفيق!

ومن هنا يُعلم أن إهمال تربية الأولاد، وعدم النصح لهم وتوجيههم عقوق لهم، ينتج عنه لا محالة ويترتب عليه عقوقهم لوالديهم.

الوقفة الثالثة في:

وصيتي للوالدين

جبل الله -عز وجل- الوالدين على محبة الأولاد، والعطف والشفقة عليهم، والرحمة بهم، وجعلهما ينظران إلى أولادهما أشد من نظر الزارع إلى زرعه، ينتظر استواءه ليقطف ثمرته.

حكمة بالغة؛ ليكثر النسل، ويَعمُر الكون، وهو -عز وجل- العليم الحكيم.

ولكن في كثير من الحالات سرعان ما تتبدد آمال الوالدين، وتضمحل أحلامهما، فلا يجدان من أولادهما ما أمَّلاه فيهم من البر، بل قد يحصل لهما عكس ذلك، ويتمنيان السلامة، فتصير الآمال آلامًا، ويتحول ما أمَّلاه من السعادة بأولادهما، وقرة العين بهم إلى شقاء، وارتفاع في ضغط الدم، وزيادة السكري.

فتُظلم الدنيا في أعين الوالدين، وتتكدر حياتهما، ويتنكد عيشهما، ويتذكران قول آدم -عليه الصلاة والسلام- فيما قيل- حينما قتل أحد أولاده أخاه:

تغيَّرت البلادُ ومَن عليها … ووجهُ الأرضِ مُغبَرٌّ قبيحُ

والإنسان عندما يأتيه المُصاب من الآخرين فقد يجد سبيلًا للانفكاك عنه، والتخلص منهم، وقد يهون عليه ذلك. لكن عندما يأتي المصاب من الولد الذي هو قطعة من والده لا ينفك عنه، فإنه مهما حاول الوالد أن يبتعد عنه ويتناسى فإن الشعور بذلك يبقى يؤرقه، ويكدر عليه عيشه، وينكد عليه حياته، كالعلة في البطن.

<<  <   >  >>