للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكم من أبٍ وأمٍّ عانى كل منهما الأمرين، وفقدا لذة الحياة وطعمها بسبب ذلك!

ولهذا أوصيك أيها الوالد؛ أبًا كنت أو أمًّا بما يأتي:

أولًا: اعلم أيها الوالد أنت وغيرك، أن إلى الله وحده المشتكى، لا إلى غيره، فتعلق به -عز وجل- وحده يكفِك كل شيء، فبيده -عز وجل- النفع والضر دون غيره؛ قال تعالى: {يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ (٨٨) إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} [الشعراء: ٨٨ - ٨٩]، وقال تعالى: {لَنْ تَنْفَعَكُمْ أَرْحَامُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ} [الممتحنة: ٣].

ثانيًا: توسَّطْ في توقع البر من الأولاد، ولا ترفع سقف التوقعات، وتأمل في أحوال الناس من حولك؛ لكي تقنع بما تيسر وتطمئن وترتاح، ولا تذهب نفسك حسرات.

ثالثًا: تذكر ما قد يكون سببًا في ضعف البر من الأولاد في نفسك أولًا، من تقصير منك في تربيتهم، أو عقوق منك لوالديك؛ فالجزاء من جنس العمل، واسأل الله العفو والعافية.

رابعًا: تذكر أيضًا ما يمر به الأولاد من طفولة، ثم مراهقة قد تطول أحيانًا عند البعض، يكون فيها الشاب أحيانًا كالسكران، أو فاقد العقل.

وتذكر أيضًا: ما ابتُلي به الناس من أمور وبلِيات قصروا بسببها حتى في حق خالقهم ومالكهم ومدبرهم ومربيهم بسائر النعم، يهُن عليك الأمر.

خامسًا: اعلم قلة الشاكرين حتى لربهم، كما قال -عز وجل-: {وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ} [سبأ: ١٣]، كما أن المؤمن منهم قليل، والضال كثير، قال تعالى: {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ} [ص: ٢٤]، وقال تعالى: {وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ} [يوسف: ١٠٣]، وقال تعالى: {وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ} [الأنعام: ١١٦].

سادسًا: ينبغي أن يعلم الوالد: أن الولد لا يحمل من المشاعر، والأحاسيس، والمحبة، والعطف، والشفقة تجاه والده مثل ما يحمله الوالد تجاهه، وشتان بين الثَّرَى والثُّرَيَّا! وكما يقال: «قلبي على ولدي انْفَطَر، وقلب وَلَدي عليَّ حَجَر»!

<<  <   >  >>