للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ} [يوسف: ٨٧].

٣ ونبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- كان سيد المتفائلين، فعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: يا رسول الله، هل أتى عليك يوم كان أشد من يوم أُحُد؟ فقال: «لقد لقِيت من قومك ما لقيت، وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة؛ إذ عرضتُ نفسي على ابن عبد ياليل، فلم يجبني إلى ما أردتُ، فانطلقت وأنا مهموم على وجهي، فلم أستفِق إلا بقرن الثعالب، فرفعتُ رأسي، فإذا أنا بسحابة قد أظلتني، فنظرتُ فإذا فيها جبريل، فناداني، فقال: إن الله -عز وجل- قد سمع قول قومك لك، وما ردوا عليك، وقد بعث إليك مَلَكَ الجبال لتأمره بما شئت فيهم. قال: فناداني ملك الجبال، وسلَّم عليَّ، ثم قال: يا محمد، إن الله قد سمع قول قومك لك، وأنا ملك الجبال، قد بعثني ربك إليك لتأمرني بأمرك، فما شئت، إن شئت أن أُطْبِقَ عليهم الأخْشَبَيْنِ» (١)، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئًا» (٢).

وعن تميم الداري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار، ولا يترك الله بيت مَدَرٍ ولا وَبَرٍ إلا أدخله الله هذا الدين، بعز عزيز، أو ذل ذليل، عزًّا يُعِز الله به الإسلام، وذلًّا يذل الله به الكفر» (٣).

وعن عَدِي بن حاتم -رضي الله عنه- أنه وفد على النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقال له: «أتعرف الحِيرة؟» قال: لم أعرفها، لكن قد سمعت بها. قال: «فوالذي نفسي بيده لَيُتِمَّنَّ الله هذا الأمر حتى تخرج الظعينة من الحيرة حتى تطوف بالبيت في غير جوار


(١) الأخشبان: جبلان بمكة.
(٢) أخرجه البخاري في بدء الخلق (٣٢٣١)، ومسلم في الجهاد والسير (١٧٩٥).
(٣) أخرجه أحمد ٤/ ١٠٣ (١٦٩٥٧)، والطبراني في «الكبير» ٢/ ٥٨ (١٢٨٠)، وفي «مسند الشاميين» ٢/ ٧٩ (٩٥١)، والحاكم (٤/ ٤٧٧). قال الحاكم: «هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه». ووافقه الذهبي، وقال الهيثمي في «المجمع» (٦/ ١٤): «رواه أحمد، والطبراني، ورجال أحمد رجال الصحيح».

<<  <   >  >>