للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إن لم تكنْ في معادي آخِذًا بيدي … فضلًا وإلا فقُلْ يا زلةَ القدمِ

فإنَّ من جُودك الدنيا وضَرَّتها … ومن علومك علم اللوحِ والقَلَمِ

ومن ذلك الغلو بآل البيت كما يفعل الرافضة- أخزاهم الله تعالى- والغلو بالصالحين، والطواف حول قبورهم، كما يفعل غلاة المتصوفة وغيرهم في كثير من البلاد الإسلامية.

٢ القسم الثاني: الغلو في العمل: كرهبانية النصارى، قال تعالى: {وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ} [الحديد: ٢٧].

ومن هذا ما أراده عثمان بن مظعون ومن معه -رضي الله عنهم- من التبتل بالصيام والقيام، وترك الزواج؛ ولذا قال لهم النبي -صلى الله عليه وسلم-: «أنتم الذين قلتم كذا وكذا؟ أما والله إني لأتقاكم لله وأخشاكم له، وإني أصوم وأُفطِر، وأقوم وأنام، وأتزوج النساء، فمَن رغِب عن سنتي فليس مني» (١).

ولهذا نهى -صلى الله عليه وسلم- عن صوم الدهر، وقيام الليل كله، وبيَّن أن أفضل الصيام والقيام: صيام داود -عليه السلام- وقيامه: «كان ينام نصفَ الليل ويقوم ثُلُثَه، وينام سُدُسَه، ويصوم يومًا ويُفطِر يومًا» (٢).

وقال -صلى الله عليه وسلم- لعبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- في ختم القرآن: «اقرأْه في ثلاث ولا تزد على ذلك» (٣).

ومن هذا ما جاء في قصة أبي الدرداء وسلمان الفارسي -رضي الله عنهما-، لما زار سلمان أبا الدرداء وجد أم الدرداء متبذِّلة، وسألها، فقالت له: «أخوك أبو الدرداء ليس له حاجة في


(١) أخرجه البخاري في النكاح (٥٠٦٣)، ومسلم في النكاح (١٤٠١)، والنسائي في النكاح (٣٢١٧) من حديث أنس -رضي الله عنه-.
(٢) أخرجه البخاري في الجمعة (١١٣١)، ومسلم في الصيام (١١٥٩)، وأبو داود في الصوم (٢٤٤٨)، والنسائي في قيام الليل وتطوع النهار (١٦٣٠)، وابن ماجه في الصيام (١٧١٢) من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما-.
(٣) أخرجه البخاري في الصوم (١٩٧٨) من حديث عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما-.

<<  <   >  >>