للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال سليمان -عليه الصلاة والسلام-: {هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ} [النمل: ٤٠].

وعن عُقبة بن عامر -رضي الله عنه-، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «إذا رأيتَ الله يعطي العبد من الدنيا- على معاصيه- ما يحب، فإنما هو استدراج»، ثم تلا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: {فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ} (١).

قال أبو حازم: «كل نعمة لا تقرِّب إلى الله تعالى فهي بلية» (٢).

وقال أيضًا: «نعمة الله على العبد فيما زَوَى عنه من الدنيا، أعظم من نعمته فيما أعطاه منها، إني رأيته أعطى قومًا فهلكوا» (٣).

وذلك لأن الشكر على النعمة قد يكون أشد من الصبر علي البلية؛ لأن كثيرًا من الناس لا يقدر النعمة قدرها ويغتر بها، فيطغى ويبطر، كما قال تعالى: {كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى (٦) أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى} [العلق: ٦، ٧].

والسلامة لا يعدلها شيء، والعافية غنيمة؛ لهذا قال -صلى الله عليه وسلم-: «لا تتمنَّوا لقاء العدو، واسألوا الله العافية» (٤).

نسأل الله العافية والسلامة.


(١) أخرجه أحمد ٤/ ١٤٥ (١٧٣١١)، وابن جرير في «جامع البيان» (٩/ ٢٤٨، ٢٤٩)، وابن أبي حاتم في «تفسيره» ٤/ ١٢٩٠ (٧٢٨٨)، والطبراني في «الكبير» ١٧/ ٣٣٠ (٩١٣)، وفي «الأوسط» ٩/ ١١٠ (٩٢٧٢)، والبيهقي في «الشعب» ٤/ ١٢٨ (٤٥٤٠). قال العراقي في «المغني عن حمل الأسفار في الأسفار» ص (١٤٧٧): «رواه أحمد والطبراني، والبيهقي في الشعب بسند حسن». وصححه الألباني في «الصحيحة» (٤١٣).
(٢) «الشكر لله -عز وجل-» لابن أبي الدنيا ص ٦٨، و «فضيلة الشكر» للخرائطي ص ٦٠.
(٣) «الشكر لله -عز وجل-» ص ٥٠.
(٤) أخرجه البخاري في الجهاد والسير (٢٩٦٥، ٢٩٦٦)، ومسلم في الجهاد والسير (١٧٤٢)، وأبو داود في الجهاد (٢٦٣١)، وأحمد ٤/ ٣٥٣ (١٩١١٤) من حديث عبد الله بن أبي أوفى -رضي الله عنهما-.

<<  <   >  >>