للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد جاء الحديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: أنه أوصى رجلًا بوصية، فقال له في وصيته: «اتقِ اللهَ كأنك تراه، فإنْ لم تكن تراهُ فهو يراك» (١)، فهذه وصية النبي -صلى الله عليه وسلم- للعبد في جميع حالاته، فكيف بالعبد في صلاته إذا قام بين يدي الله -عز وجل-، في موضعٍ خاص، ومقامٍ خاص، يريد الله ويستقبله بوجهه، ليس موضعه ومقامه وحاله في صلاته كغير ذلك من حالاته.

جاء الحديث: «إن العبد إذا افتتح الصلاة استقبله الله -عز وجل- بوجهِه، فلا يصرِفه عنه حتى يكون هو الذي ينصرف أو يلتف يمينًا وشمالًا» (٢).

فرحم الله من أقبل على صلاته خاشعًا، خاضعًا، ذليلًا لله -عز وجل-، خائفًا، داعيًا، راغبًا، وجِلًا، مشفِقًا، راجيًا، وجعل أكبر همته في صلاته لربه تعالى، ومناجاته إياه، وانتصابه بين يديه قائمًا وقاعدًا وراكعًا وساجدًا، وفرغ لذلك قلبه، وثمرة فؤاده، واجتهد في أداء فرائضه؛ فإنه لا يدري هل يصلي صلاة بعد التي هو فيها أو يعاجَل قبل ذلك، فقام بين يدي ربه -عز وجل- محزونًا، مشفِقًا، يرجو قبولها، ويخاف ردها، فإن قبِلها سعِد، وإن ردها شقِي، فما أعظمَ خَطَرَكَ أخي في هذه الصلاة، وفي غيرها من عملك.

عن سعيد بن معاذ -رضي الله عنه-، قال: «ما صليت صلاة قط، فحدثت نفسي فيها بشيء من أمر الدنيا، حتى انصرفت» (٣).

١١ أن يستشعر عظمة الصلاة، ومكانتها في الدين، وما رتب الله عليها من السعادة والفلاح والنجاح، وصلاح أمر الدين والدنيا والآخرة، والفوز بالجنة، والنجاة من النار، فيحفظها ويقيمها، ويشهَدها بقلبه وقالبه ما استطاع.

١٢ أن يحرص على متابعة الإمام؛ في التكبير، والقيام، والركوع، والسجود، والخفض، والرفع، قال -صلى الله عليه وسلم-: «إنما جُعل الإمام ليُؤتَمَّ به، فإذا كبَّر فكبِّروا، وإذا ركع فاركعوا ..... » (٤).


(١) أخرجه أحمد في «الزهد» (٧٧٠).
(٢) أخرجه الحاكم (١/ ٢٣٦) من حديث الحارث الأشعري -رضي الله عنه-. قال الحاكم: «والحديث على شرط الأئمة صحيح محفوظ».
(٣) «رسالة الصلاة» للإمام أحمد ص (٣٩) فقرة (٤٣).
(٤) أخرجه مالك في صلاة الجماعة (١/ ١٣٥)، والبخاري في الصلاة (٣٧٨)، ومسلم في الصلاة (٤١١)، وأبو داود في الصلاة (٦٠١)، والنسائي في الإمامة (٧٩٤)، والترمذي في الصلاة (٣٦١)، وابن ماجه في إقامة الصلاة والسنة فيها (١٢٣٨)، وأحمد ٣/ ١٦٢ (١٢٦٥٦) من حديث أنس بن مالك -رضي الله عنه-.

<<  <   >  >>