للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال الآخر:

احذَرْ لِسانَك أيها الإنسانُ … لا يَلدغنك إنه ثعبانُ

كم في المقابر من قتيلِ لسانه! … كانت تهاب لقاءه الفرسانُ (١)

وقال الآخر:

ولئن ندِمت على سكوتك مرةً … فلَتندمن على الكلام مِرارَا (٢)

وقد قيل: «لو كان الكلام من فضة، لكان السكوت من ذهب».

ومما ينبغي التنبيه عليه: أن الكتابة اليوم بالبنان في وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت أشد أثرًا وأعظم ضررًا من اللسان بأضعاف مضاعفة؛ إذ أصبحت مجالًا واسعًا ولغ فيها كل الذين يريدون إشعال الفتن بين المسلمين؛ مما يوجب على المسلم الحذر من ذلك ومحاسبة نفسه محاسبة دقيقة في كل ما يكتب على شاشات هذه الوسائل، فالأمر خطير، والناقد بصير، وقد أحسن القائل:

وما من كاتبٍ إلا سيَفنى … ويَبقَى الدهرَ ما كَتبتْ يداهُ

فلا تكتبْ بكفِّك غيرَ شيءٍ … يسُرُّك في القيامةِ أن تراهُ

١١ الرجوع إلى أهل العلم من العلماء الربانيين، وأهل الذكر، وسؤالهم:

قال تعالى: {وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ} [النساء: ٨٣]، وقال تعالى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [النحل: ٤٣، والأنبياء: ٧].

قال ابن القيم -رحمه الله- (٣): «كنا إذا اشتد بنا الخوف، وساءت منا الظنون، وضاقت بنا الأرض، أتيناه- يعني شيخه ابن تيمية -رحمه الله- فما هو إلا أن نراه ونسمع كلامه، فيذهب ذلك كله، وينقلب انشراحًا وقوة، ويقينًا وطمأنينة».


(١) انظر: «اللطائف والظرائف» للثعالبي (ص ١٠٤).
(٢) انظر: «المُوَشَّى، الظرف والظرفاء» (ص ٨).
(٣) في «الوابل الصيب» (ص ٤٨).

<<  <   >  >>