للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إيمانه، كما تبقى الجبال راسية في أماكنها، والنخلة ثابتة على أصلها.

ثالثًا: الرفق، والحلم، والتأني، وعدم الاستعجال:

فإذا ظهرت الفتنة وبرزت واستشرفت للناس، فعلى المسلم بالرفق والحلم والتأني، وعدم الاستعجال، في الأقوال والأفعال والأفكار والمواقف، والحكم على الأشياء، وفي اتخاذ القرار، قال -صلى الله عليه وسلم-: «إن الرفق لا يكون في شيءٍ إلا زانَه، ولا يُنزَع من شيءٍ إلا شانَه» (١).

وقال -صلى الله عليه وسلم-: «إن الله رَفيق يحب الرفق في الأمر كله، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف، وما لا يعطي على ما سواه» (٢).

وقال -صلى الله عليه وسلم- لأشَجِّ عبدِ القيس: «إن فيك لَخَصلتينِ يحبهما الله: الحلم والأَنَاة» (٣).

وقد جاء في القرآن الكريم التعريض بذم العَجلة والتحذير منها، فقال تعالى: {وَيَدْعُ الْإِنْسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الْإِنْسَانُ عَجُولًا} [الإسراء: ١١].

فمن خلال الرفق والحلم والتأني وعدم الاستعجال، يمكن للمسلم- بتوفيق الله تعالى- النظر في عواقب الأمور ومآلاتها، ورؤية الأشياء على حقيقتها، وكما هي.

ويمكنه- بتوفيق الله تعالى- الحكم عليها؛ لأن «الحكم في الشيء فرع عن تصوره»، فيسلم بإذن الله تعالى من الوقوع في الخطأ والإثم، وفيما لا تحقيق فيه، مما لا يغني ولا ينفع، بل قد يضر؛ قال الله تعالى: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا} [الإسراء: ٣٦].


(١) أخرجه مسلم في البر والصلة والآداب (٢٥٩٤)، وأبو داود في الجهاد (٢٤٧٨)، وأحمد ٦/ ٥٨ (٢٤٣٠٧) من حديث عائشة -رضي الله عنها-.
(٢) أخرجه البخاري في الاستئذان (٦٢٥٦)، وفي استتابة المرتدين (٦٩٢٧)، ومسلم في البر (٢٥٩٣)، وابن ماجه في الأدب (٣٦٨٩) من حديث عائشة -رضي الله عنها-. وأخرجه أبو داود في الأدب (٤٨٠٧)، وأحمد ٤/ ٨٧ (١٦٨٠٢) من حديث عبد الله بن مغفل -رضي الله عنه-. وأخرجه مالك في الاستئذان (٢/ ٩٧٩) من حديث خالد بن معدان -رضي الله عنه-. وأخرجه ابن ماجه في الموضع السابق (٣٦٨٨) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-.
(٣) أخرجه مسلم في الإيمان (١٧)، والترمذي في البر والصلة (٢٠١١) من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما-. وأخرجه مسلم في الموضع السابق (١٨) من حديث أبي سعيد -رضي الله عنه-.

<<  <   >  >>