للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا} [آل عمران: ١٠٣]، وقال تعالى: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [آل عمران: ١٠٥].

وفي حديث حذيفة -رضي الله عنه-: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «تَلزَم جماعة المسلمين وإمامهم» (١).

وقال -صلى الله عليه وسلم-: «عليكم بالجماعة وإياكم والفُرقة» (٢).

وقال -صلى الله عليه وسلم-: «الجماعة رحمة، والفرقة عذاب» (٣)؛ أي: الجماعة رحمة للعباد في الدنيا والآخرة، والفرقة عذاب في الدنيا والآخرة لمن تفرقوا وخالفوا أمر الله تعالى.

ولهذا قال عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- لما أتم الصلاة خلف عثمان -رضي الله عنه-، وكان عبد الله لا يرى الإتمام في السفر، ولما سئل عن ذلك قال: «يا هذا، الخلاف شر، الخلاف شر، الخلاف شر»، كررها ثلاث مرات -رضي الله عنه- (٤).

وصدق -رضي الله عنه-؛ فالاختلاف والفرقة بين الأمة أكبر شر وأعظم بلية، وأكبر وأعظم عون لأعداء الأمة لتمزيق وحدتها، والتغلب عليها، وإضعافها وسلب خيراتها.

قال ابن تيمية: «وبلاد الشرق من أسباب تسليط الله عليهم الترك: كثرة التفرق بينهم في المذاهب، وكل ذلك من الاختلاف الذي ذمه الله، فإن الاعتصام بالجماعة والائتلاف من أصول الدين» (٥).


(١) سبق تخريجه قريبًا.
(٢) أخرجه الترمذي في الفتن (٢١٦٥)، والحاكم (١/ ١١٣). قال الترمذي: «حديث حسن صحيح غريب». وقال الحاكم: «صحيح على شرط الشيخين». ووافقه الذهبي. قال الألباني في «الإرواء» (٦/ ٢١٥): «وهو كما قالا». وأخرجه أحمد ٥/ ٣٧٠ (٢٣١٤٥) من حديث زكريا بن سلام عن أبيه عن رجل.
(٣) أخرجه عبد الله بن أحمد في زوائد «المسند» ٤/ ٢٧٨ (١٨٤٤٩). قال ابن كثير في «تفسيره» (٨/ ٤١٤): «إسناده ضعيف». وصححه الألباني في «الصحيحة» (٦٦٧).
(٤) أخرجه أبو داود في المناسك (١٩٦٠)، وعبد الرزاق في «مصنفه» ٢/ ٥١٦ (٤٢٦٩)، وابن أبي شيبة في «مصنفه» ٨/ ٣٤٣ (١٤١٧٤)، والبيهقي (٣/ ١٤٣، ١٤٤) عن عبد الرحمن بن زيد عنه. وصححه الألباني في «صحيح أبي داود» (١٧١٢).
(٥) انظر: «الفتاوى المصرية» (ص ٤٣).

<<  <   >  >>