للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لابن آدم واديان من مالٍ لابتغى ثالثًا، ولا يملأ جوفَ ابنِ آدمَ إلا التراب، ويتوب الله على من تاب» (١).

فمن رضي وقنع بما آتاه الله سعِد في حياته، وعاش مسرورًا مطمئنًّا هاديَ البال، بخلاف غيره.

قال الشاعر (٢):

ما كل ما فوق البسيطةِ كافيًا … وإذا قنعتَ فبعضُ شيءٍ كافي

وقال الآخر (٣):

خذِ القناعةَ من دنياك وارضَ بها … لو لم يكن لك فيها إلا راحةُ البدنِ

ولهذا قيل: «القناعة كَنز لا يَفنى».

رابعًا: العلم بأن ما يؤتيه الله -عز وجل- للعبد هو فضل من الله سبحانه لا حول للعبد فيه ولا طَول، كما قال تعالى: {وَأَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} [الحديد: ٢٩]، وقال تعالى: {وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ} [النحل: ٥٣]، وقال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} [الذاريات: ٥٨].

فالإنسان وما يملك ملك لله تعالى، وما عنده من جميع النعم من الله تعالى، وهو مستخلَف فيه، وهو وديعة عنده، كما قال تعالى: {وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ} [الحديد: ٧]، وقال تعالى: {وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} [النور: ٣٣].

خامسًا: مقارنة العبد حاله بحال من دونه، حتى يرى فضل الله تعالى عليه، سواء


(١) أخرجه البخاري في الرقاق (٦٤٣٦)، ومسلم في الزكاة (١٠٤٩)، وأحمد ١/ ٣٧٠ (٣٥٠١) من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما-. وأخرجه البخاري في الموضع السابق (٦٤٣٩)، ومسلم في الموضع السابق (١٠٤٨)، والترمذي في الزهد (٢٣٣٧) من حديث أنس -رضي الله عنه-. وأخرجه مسلم الموضع السابق (١٠٥٠) من حديث أبي موسى الأشعري -رضي الله عنهما-.
(٢) البيت لأبي فِراس الحَمْداني. انظر: «ديوانه» (ص ٢٢٣).
(٣) البيت من القصيدة المشهورة: «ليس الغريب» واختلفوا في قائلها.

<<  <   >  >>