للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

«هو الكفور، الذي يعُد المصائب، وينسى نِعَم ربه» (١).

وقلة الشكر لله من ضعف الإيمان، بل هي حقيقة ضعف الإيمان، أو فقدانه، وهو ما عليه أكثر الخلق، كما قال إبليس لعنه الله: {قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ (١٦) ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ} [الأعراف ١٦ - ١٧].

ولهذا حذر -عز وجل- من الاغترار بما عليه أكثر الخلق، فقال تعالى: {وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} [الأنعام: ١١٦]، وقال تعالى: {وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ} [يوسف: ١٠٣].

وقال تعالى: {وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ} [المائدة: ٤٩]، وقال تعالى: {إِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ} [غافر: ٥٩].

وبين -صلى الله عليه وسلم- أن بعث النار من كل ألف تسعمئة وتسعة وتسعون، وواحد إلى الجنة (٢).

قال ابن القيم -رحمه الله-:

يا سِلعةَ الرحمنِ لستِ رَخيصةً … بل أنتِ غاليةٌ على الكسلانِ

يا سلعةَ الرحمنِ ليسَ ينالُها … في الألفِ إلا واحدٌ لا اثنانِ (٣)

قال بعض السلف: «لا تغترَّ بالباطل لكثرة الهالكين، ولا تستوحِش من الحق لقلة السالكين» (٤).


(١) أخرجه الطبري في «جامع البيان» (٢٤/ ٥٨٥)، والبيهقي في «شعب الإيمان» ٤/ ١٥٣ (٤٦٢٩)، ٧/ ٢١٧ (١٠٠٦١).
(٢) أخرجه البخاري في أحاديث الأنبياء (٣٣٤٨)، ومسلم في الإيمان (٢٢٢)، وأحمد ٣/ ٣٢ (١١٢٨٤) من حديث أبي سعيد -رضي الله عنه-. وأخرجه مسلم في الفتن وأشراط الساعة (٢٩٤٠)، وأحمد ٢/ ١٦٦ (٦٥٥٥) من حديث عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما-. وأخرجه الترمذي (٣٠١٩)، وأحمد ٤/ ٤٣٢ (١٩٨٨٤) من حديث عمران بن حصين -رضي الله عنه-.
(٣) في «النونية» ص (١٠٣٧).
(٤) انظر: «مدارج السالكين» (١/ ٤٦)، وقد ذُكر نحو من هذا عن الفضيل بن عياض رحمه الله. انظر: «الأذكار» للنووي ص (١٩٦)، و «الآداب الشرعية» (١/ ٢٦٣)، وذكر نحوه عن سفيان بن عيينة. انظر: «الزهد الكبير» للبيهقي (٢٣٨ - ٢٣٩).

<<  <   >  >>