للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كن ما استطعت عن الأنام بمَعزِلٍ … إن الكثيرَ من الورى لا يُصحبُ

واجعَلْ جَليسَكَ سيدًا تحظى به … حَبْر لَبيب عاقل متأدِّبُ (١)

وقال الآخر:

اختر صديقَك واصطفيه تفاخُرًا … إنَّ القَرينَ إلى المُقارَنِ يُنسَبُ

فعلى العاقل اللبيب أن يختار من الأصحاب والأصدقاء من كان عونًا له على تقوى الله، وعلى جميع أمور دينه ودنياه وأخراه، كما قال الشاعر:

أخ كان لي نعمَ المُعين على التُّقَى … به تَنجلي عني الهمومُ وتَذهَبُ

فطَورًا بأخبارِ الرسولِ وصَحبِه … وطورًا بآدابٍ تَلِذُّ وتعذُبُ

على ذا مضى عُمري كذاك وعمرُه … صَفِيَّيْنِ لا نجفو ولا نتعتَّبُ (٢)

وقال ابن عائشة: «مجالسة أهل الديانة تجلو عن القلوب صَدَأَ الذنوب، ومجالسة أهل المروءات تدل على مكارم الأخلاق، ومجالسة العلماء تزكي النفوس» (٣).

ولْيحذَر المرء كلَّ الحذر من صحبة الأشرار؛ فإنها خطر على الإنسان في دينه، ودنياه، وأخراه، ومآلُها إلى الزوال والانقطاع، والعداوة والندامة، كما قال تعالى: {الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ} [الزخرف: ٦٧]، وقال تعالى: {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَالَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا (٢٧) يَاوَيْلَتَا لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا (٢٨) لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا} [الفرقان ٢٧ - ٢٩].

وقال -صلى الله عليه وسلم-: «ومثل الجليس السوء كنافخِ الكِير، إما أن يُحرِق ثيابك، وإما أن تجدَ منه ريحًا خبيثة» (٤).

قال الشاعر:


(١) انظر: «السحر الحلال» (ص ١١).
(٢) الأبيات للشاعر محمد بن عثيمين انظر: «موسوعة الشعر الإسلامي» ١/ ١٤٨، «ديوان الشعر العربي على مر العصور» ٨/ ٩١.
(٣) «الصداقة والصديق» ص ٢٩٣.
(٤) سبق تخريجه قريبًا.

<<  <   >  >>