للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتوفيقه- على الصبر، والعفو، والصفح، وكظم الغيظ، وترك الغضب، والدفع بالتي هي أحسن، كما قال تعالى: {وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (٣٤) وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} [فصلت: ٣٥، ٣٦].

٩ أن ذلك سبب للسلامة من العداوة، والبغضاء، والشحناء، والحقد، والحسد، وسوء الظن، وغير ذلك من أمراض القلوب.

قال ابن رجب (١) -رحمه الله-: «فأفضل الأعمال: سلامة الصدر من أنواع الشحناء كلها، وأفضلها: السلامة من شحناء الأهواء والبدع، التي تقتضي الطعن على سلف الأمة، وبغضهم والحقد عليهم، واعتقاد تكفيرهم، أو تبديعهم وتضليلهم، ثم يلي ذلك سلامة القلب من الشحناء لعموم المسلمين، وإرادة الخير لهم، ونصيحتهم، وأن يحب لهم ما يحب لنفسه».

١٠ أنه سبب للسلامة من الغِيبة، والنميمة، فلا رواج لهما عند سليم القلب، منشرح الصدر، لا تحدثًا بهما، ولا نقلًا لهما، ولا استماعًا إليهما.

١١ أن ذلك من علامات ودلائل حسن الدين، والاستمساك بالعروة الوثقى، كما قال تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ} [النساء: ١٢٥]، وقال تعالى: {وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى} [لقمان: ٢٢].

عن سفيان بن دينار، قال: قلت لأبي بشر: أخبرني عن أعمال من كان قبلنا؟ قال: «كانوا يعملون يسيرًا، ويؤجرون كثيرًا». قال سفيان: ولم ذاك؟ قال أبو بشر: «لسلامة صدورهم» (٢).

١٢ أنه لا ينفع يوم القيامة سوى سلامة القلب، كما قال تعالى: {يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ (٨٨) إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} [الشعراء: ٨٨، ٨٩].

١٣ أنه سبب لدخول الجنة، والأجر، والسلامة من الخوف والحزن، كما قال تعالى: {وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ


(١) في «لطائف المعارف» ص (١٣٩).
(٢) «الزهد» لهنَّاد بن السري ٦/ ٢٠٠٠.

<<  <   >  >>