للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وذلك لأنه اجتمع فيها ثلاثة حقوق عظيمة:

الأول: حق الله -تبارك وتعالى-، والثاني: حق ولي الأمر، والثالث: حقوق المسلمين.

وهذا كله مما يعظم شأن المسؤولية وخطرها، ويوجب الصدق والنزاهة فيها، والقيام بها خير قيام وعلى أكمل وجه وأتمه.

ولهذا قال -صلى الله عليه وسلم- لعبد الرحمن بن سمُرة -رضي الله عنه-: «يا عبدَ الرحمن، لا تسأل الإمارة؛ فإنك إن أُعطيتها عن مسألةٍ وُكلت إليها، وإن أُعطيتها عن غير مسألة أُعنت عليها» (١).

وقال -صلى الله عليه وسلم- لأبي ذر -رضي الله عنه-: «يا أبا ذر، إني أراك ضعيفًا، وإني أحب لك ما أحب لنفسي، لا تَأمَّرَنَّ على اثنين، ولا تولين على مال يتيم» (٢).

وعن مَعقِل بن يَسار -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «ما من عبدٍ يسترعيه الله رعيةً يموت يوم يموت وهو غاشٌّ لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة» (٣).

وعدم القيام بما أُنيط بالمسؤول من عملٍ من أعظم الغش للرعية وللأمة؛ لما فيه من تضييع حقوق الناس، ومصالحهم، وأشد منه غشًّا وجرمًا وعقوبةً مَن جمع بين هذا وبين جعل المنصب طريقًا للتعالي والتعاظم على الناس، ومَطِيَّة للنهب والتكسب من بيت المال، أو من جيوب الناس بالمحاباة والرشوة، وغير ذلك.

فعلى من تولى أمرًا من أمور المسلمين الحرص كل الحرص على القيام به حق القيام، وإتقانه، قال -صلى الله عليه وسلم-: «إن الله يحب إذا عمِل أحدكم عملًا أن يُتقِنَه» (٤).


(١) أخرجه البخاري في الأيمان والنذور (٦٦٢٢)، وفي كفارات الأيمان (٦٧٢٢) ومسلم في الإمارة (١٦٥٢)، وأبو داود في الخراج (٢٩٢٩)، والنسائي في آداب القضاة (٥٣٨٤)، والترمذي في النذور (١٥٢٩) من حديث عبد الرحمن بن سمرة -رضي الله عنه-.
(٢) أخرجه مسلم في الإمارة (١٨٢٦)، وأبو داود في الوصايا (٢٨٦٨)، والنسائي في الوصايا (٣٦٦٧)، وأحمد ٥/ ١٨٠ (٢١٥٦٣) من حديث أبي ذر -رضي الله عنه-.
(٣) أخرجه البخاري في الأحكام (٧١٥٠، ٧١٥١)، ومسلم في الإيمان (١٤٢)، والدارمي في الرقاق ٢/ ٤١٧ (٢٧٩٦)، وأحمد ٥/ ٢٥ (٢٠٢٩١).
(٤) أخرجه الطبراني في «المعجم الأوسط» ١/ ٢٧٥ (٨٩٧)، وأبو يعلى الموصلي في «مسنده» ٧/ ٣٤٩ (٤٣٨٦)، والبيهقي في «شعب الإيمان» ٧/ ٢٣٢ (٤٩٢٩) من حديث عائشة -رضي الله عنها-. قال الهيثمي في «المجمع» (٤/ ٩٨): «رواه أبو يعلى، وفيه مصعب بن ثابت وثقه ابن حبان، وضعفه جماعة». وصححه الألباني في «الصحيحة» (١١١٣).

<<  <   >  >>