للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعن عُقبةَ بنِ عامر -رضي الله عنه- قال: قلت: يا رسول الله، ما النجاة؟ قال: «املِكْ عليك لسانَك، ولْيَسَعْكَ بيتُك، وابكِ على خطيئتك» (١).

وفي الحديث «أن رجلًا قال: والله لا يغفر الله لفلان. فقال الله -عز وجل-: من الذي يتألَّى عليَّ ألا أغفر لفلان؟! فإني قد غفرتُ لفلان، وأحبطتُ عَمَلَك» (٢).

وفي رواية: قال -صلى الله عليه وسلم-: «فوالذي نفسُ أبي القاسمِ بيدِه لَتَكَلَّمَ بكلمةٍ أوبَقَتْ دُنياهُ وآخِرَته» (٣).

فما أشدَّ خطر اللسان وضرره، فكم خرج أناس من الإيمان بسبب اللسان، وكم من أرواح أُزهقت، وحروب أُشعلت فأكلت الرطبَ واليابس؛ بسبب اللسان.

قال نصر بن سيَّار (٤):

وإن النار بالعودين تُذكَى … وإن الحربَ أولُها كَلامُ

وكم زوجات طُلِّقت، وأُسَر شُرِّدت، وأطفال يُتِّمت؛ بسبب اللسان!

وكم من عداوات وإِحَن وبَغْضاء وقعتْ بين الإخوان، والأقارب، والجيران، والأفراد، والجماعات؛ بسب اللسان!

قال الشاعر:

جِراحاتُ السِّنان لها التِئامٌ … ولا يَلتامُ ما جَرَحَ اللسانُ (٥)

وقال الشافعي:


(١) أخرجه الترمذي في الزهد (٢٤٠٦)، وأحمد ٤/ ١٤٨ (١٧٣٣٤). قال الترمذي: «حديث حسن». وصححه الألباني في «الصحيحة» (٨٩٠).
(٢) أخرجه مسلم في البر والصلة والآداب (٢٦٢١) من حديث جندب بن عبد الله -رضي الله عنه-.
(٣) أخرجه أحمد ٢/ ٣٢٣ (٨٢٩٢)، وابن حبان ١٣/ ٢١ (٥٧١٢) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- مرفوعًا. وأخرجه أبو داود في الأدب (٤٩٠١) من قول أبي هريرة -رضي الله عنه-. وصححه الألباني في التعليقات الحسان (٥٦٨٢).
(٤) انظر: «عمدة الكتاب» للنحاس ١/ ٣٩، و «التذكرة الحمدونية» ١/ ٤٣٢.
(٥) البيت لعلي بن أبي طالب -رضي الله عنه-. انظر: «فيض القدير» للمناوي ٦/ ١٣٩، و «روح البيان» لأبي الفداء ٩/ ٥٠٦. وهو في: «فصل المقال» صـ ٢٤ بلا نسبة.

<<  <   >  >>