للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد رفع الكرم شأن أناسٍ كانوا على غير الإسلام؛ كحاتمٍ الطائيِّ وغيره.

ويَكفي الكرمَ مَنزِلةً وشرفًا أنه من أجلِّ صفات الخالق -عز وجل-، ومن صفات أنبيائه، ورسله، وملائكته -عليهم السلام-، حث عليه الإسلام ورغَّب فيه، وهو من كمال الإيمان، ومن محاسن الإسلام، ومن دلائل حُسن الظن بالله -عز وجل-، والثقة بما عنده من الفضل أكثر من ثقة الإنسان بما في يده، ومن أسباب البركة في الرزق والعمر، وتزكية النفس وتطهيرها من رذيلة الشح والبخل.

ورُويَ أن: «الكرم حارس الأعراض» (١)، أي: أن صاحب الكرم يسلم من الذم، بل يُثنى عليه ويمدح ويدافع عنه.

وسئل الحسن البصري رحمه عن حسن الخلق، فقال: «الكرم والبذل والاحتمال» (٢).

ويكفي أن صاحب الكرم محبوبٌ عند الله وعند الناس، قريبٌ من الله، قريب من الناس. قال الشاعر:

وآمِرةٍ بالبخلِ قلتُ لها اقْصُري … فليس إلى ما تأمُرينَ سبيلُ

أرى الناس خِلَّانَ الكريمِ ولا أرى … بخيلًا له في العالمينَ خَليلُ (٣)

وقال الآخر:

الجُودُ مَكرُمةٌ والبخلُ مَنقَصةٌ … لا يستوي البخلُ عندَ اللهِ والجُود (٤)


(١) انظر: «ربيع الأبرار» (٤/ ٣٧٥).
(٢) أخرجه ابن أبي الدنيا في «الإخوان» (١٧٢)، وفي «التواضع والخمول» (١٨٦)، وفي «مداراة الناس» (٩٠)، والبرجلاني في «الكرم والجود وسخاء النفوس» (٦٤)، ومن طريقه ابنُ عبد الهادي في «مراقي الجنان بالسخاء وقضاء حوائج الإخوان» ص (١٣٢).
(٣) البيتان لأبي محمد إسحاق الموصلي. انظر: «العقد الفريد» (١/ ٢١٧).
(٤) البيت للمنتصر بن بلال. انظر: «روضة العقلاء» (ص ٢٣٥).

<<  <   >  >>