للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والأرامل، أو حفر الآبار، أو إجراء الأنهار، أو فتح الطرق، أو غير ذلك.

ولا مانع أن يصرف غلة الوقف في مصرف واحد عند اشتداد الحاجة، كما إذا حل بالناس مجاعة وقحط وجدب فيجعله كله في إطعام المحتاجين، وإنقاذهم من الموت.

ومثله إذا احتاج الناس لبناء مسجد، أو حفر بئر، أو غير ذلك، كما أنه لا مانع أن يجعله هذه السَّنةَ في مَصرِف، والتي بعدها في مصرف آخر، وهكذا، لكن عليه الاجتهاد في صرفه فيما هو أولى وأحق وأحوج حسب طاقته وقدرته.

ج- وصيتي لأصحاب الأموال:

أوصي أصحاب الأموال من رجال الأعمال وغيرهم بأمرين:

الأمر الأول: أن يتأمل كل منهم قول الله -عز وجل-: {وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ} [الحديد: ٧]، وقوله -عز وجل-: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ} [الحديد: ١١]، وقوله -عز وجل-: {إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ} [الحديد: ١٨].

وقوله -صلى الله عليه وسلم-: «إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم يُنتفع به، أو ولد صالح يدعو له» (١).

الأمر الثاني: أن يبادر كل منهم إلى تخصيص قسط من ماله، وجعله وقفًا ومَبَرة خيرية يديرها بنفسه، ويضع أسسها وينظم عملها في حياته، ويطمئن إلى بقائها واستمرارها بعد وفاته، وحبذا كونها في بلده؛ ليستفيد منها أقاربه وجيرانه، وأهل الحاجة في بلده، فالأقربون أولى بالمعروف.

والملاحَظ أن كثيرًا من الأوقاف تتعثر بعد وفاة الواقف لأسباب عدة، لكن إذا أسسها الإنسان بنفسه في حياته، ونظمها بدءًا بأصولها، وانتهاء بثمرتها، ومخرجاتها، ومصارفها، فهذا بإذن الله تعالى من أسباب ضمان استمرارها وبقائها.


(١) سبق تخريجه قريبًا.

<<  <   >  >>