للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال الله -عز وجل-: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا} [الأحزاب: ٥٨].

خامسًا: أنه لا يعود على الحاسد إلا بالهم والكمد والأسى، قال علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-: «لله در الحسد ما أعْدَلَه! بدأ بصاحبه فقتله» (١).

وقال أبو الليث السمرقندي: «يصل إلى الحاسد خمس عقوبات قبل أن يصل حسده إلى المحسود: أولاها: غم لا ينقطع، الثانية: مصيبة لا يؤجر عليها، الثالثة: مذمة لا يحمد عليها، الرابعة: سخط الرب، الخامسة: يغلق عنه باب التوفيق» (٢).

وقال الشاعر:

دع الحسود وما يلقاه من كمدِهْ

يكفيك منه لهيب النار في كبدِهْ (٣)

سادسًا: أن الحاسد مبغض ممقوت عند الله وعند الناس؛ لأنه عدو نعمة الله، وعدو عباد الله.

قال ابن القيم (٤): «فالحاسد عدو نعمة الله وعدو عباده، وممقوت عند الله وعند الناس، ولا يسود أبدًا، ولا يواسى، فإن الناس لا يسودون عليهم إلا من يريد الإحسان إليهم، فأما عدو نعمة الله عليهم فلا يسودونه باختيارهم أبدًا، إلا قهرًا يعدونه من البلاء والمصائب التي ابتلاهم الله بها فهم يبغضونه وهو يبغضهم».

سابعًا: أن الحاسد بدل أن يسعى ويعمل ينشغل بمتابعة ما عند الآخرين، وما أعطاهم الله من فضله، والواجب عليه أن يبذل السبب في السعي والعمل، ويسأل الله من فضله، قال تعالى: {وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ} [النساء: ٣٢].

ثامنًا: أن الحسد سبب لإيقاع العداوة والبغضاء بين الناس؛ لأنه يحمل الحاسد على


(١) انظر: «شرح نهج البلاغة» ١/ ٣١٦.
(٢) انظر: «المستطرف» ص ٢٢١.
(٣) انظر: «غذاء الألباب» ٢/ ٢٨٥، و «جواهر الأدب» ٢/ ٤٨٦.
(٤) انظر: «التفسير القيم» ص ٥٨٤.

<<  <   >  >>