للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والناس في هذا أربعة أقسام:

القسم الأول: مَنْ مخالطته كالغذاء لا يُستغنى عنه في اليوم والليلة، وهم العلماء بالله وأمره، الناصحون لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم.

القسم الثاني: من مخالطته كالدواء يحتاج إليه عند المرض، فما دام الشخص صحيحًا فلا حاجة له في مخالطتهم، وهم من لا يستغنى عن مخالطتهم في مصلحة المعاش، فتكون مخالطتهم بقدر الحاجة.

القسم الثالث: من مخالطتهم كالداء على اختلاف مراتبه وأنواعه، وقوته وضعفه، فمنهم من تكون مخالطته ضررًا عليك في دينك ودنياك فهم كمرض الموت المخوف، ومنهم من تكون مخالطته كوجع الضرس يشتد فإذا فارقك سكن الألم، ومنهم من تكون مخالطته حمى الروح، وهو الثقيل البغيض، الذي لا تستفيد منه ولا يستفيد منك، لا يحسن أن يتكلم فيفيدك، ولا يحسن أن ينصت فيستفيد منك، ولا يعرف نفسه فيضعها منزلتها، فمخالطة هذا النوع- وهم كل مخالف- حمى الروح، ومن نكد الدنيا على العبد أن يبتلى بواحد من هذا الضرب، وليس له بد من معاشرته ومخالطته فليعاشره بالمعروف، حتى يجعل الله له من أمره فرجًا ومخرجًا.

القسم الرابع: من مخالطته الهلك كله بمنزلة أكل السم، كأهل البدع والضلال، الصادين عن سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

فالحزم كل الحزم البعد عنهم، والحذر منهم، والتماس مرضاة الله تعالى ورسوله بإغضابهم.

وكما قيل:

لقد زادني حبًّا لنفسيَ أنني … بغيض إلى كل امرئ غير طائل (١)


(١) البيت للطرماح وهو في «ديوانه» ص ٣٤٦، تحقيق عزة حسن، دمشق ١٩٦٨ م.

<<  <   >  >>