للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فانظر أخي المسلم وأختي المسلمة في هذا، وتأملْ فيه غايةَ التأمل، واعلمْ أنك لن تنجوَ من كربِ الدنيا وشدائد الآخرة إلا بالنصحِ لله تعالى، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين، وعامتهم.

قال الأوزاعي -رحمه الله-: «لِيعلَمْ كلٌّ منكم أنه على ثغرٍ من ثغور الإسلام، فاللهَ، اللهَ، أن يُؤتَى الإسلامُ من قِبَله» (١).

ولما حضرت أبا عُبيدةَ عامرَ بنَ الجرَّاحِ -رضي الله عنه- الوفاةُ، في الطاعون الذي وقع في الشام، ومات منه خلقٌ كثيرٌ، وكان واليًا لعمر بن الخطاب -رضي الله عنه- على الشام، أوصى جنده فقال: «إني موصيكم بوصيةٍ إن قبِلتموها لن تزالوا بخيرٍ: أقيموا الصلاة، وآتوا الزكاة، وصوموا شهر رمضان، وتصدقوا، وحُجوا، واعتمروا، وتواصَوا بالحق، وانصحوا لأمرائكم، ولا تغُشوهم، ولا تُلهِكُمُ الدنيا؛ فإن المرءَ لو عُمِّرَ ألفَ حولٍ ما كان له بُدٌّ من أن يصيرَ إلى مَصرعي هذا الذي ترون … إن الله كتب الموت على بني آدم، فهم ميِّتون، وأكيسُهم أطوعُهم لربه، وأعملُهم ليوم مَعادِه … والسلام عليكم ورحمة الله» (٢).

فكن أخي مباركًا أينما كنتَ، وقدِّم النصحَ والخير والإحسان لإخوانك المسلمين بالقول والفعل والبذل؛ بنصيحةٍ، أو هديةٍ، أو مساعدة، أو كلمة طيبة، أينما كنتَ، ومع مَن لقِيتَ.

يدُ المعروفِ خيرٌ حيثُ كانتْ … تَلَقَّفَها كَفُورٌ أم شَكُورُ

ففي شكرِ الشكورِ لها جزاءٌ … وعند اللهِ ما كَفَرَ الكَفورُ (٣)

وكن كالنخلة في بركتها وكثرة ثمرها وخيرها وعطائها ونفعها.


(١) سبق تخريجه.
(٢) انظر: «الإصابة» ٢/ ٢٥٢ ترجمة (٤٤٠٠)، و «حلية الأولياء»، ١/ ١٠٠، و «تاريخ ابن عساكر» ٧/ ١٥٧، و «صفة الصفوة» ١/ ١٢٤، و «أشهر مشاهير الإسلام» ص ٥٠٤، و «الرياض النضرة» ص ٣٠٧.
(٣) البيتان لابن المبارك. انظر: «ديوانه» ص (١٣٩)، و «اصطناع المعروف» لابن أبي الدنيا (٤٦)، و «بهجة المجالس» ص (٦٥). أو لابن عائشة. انظر: «المحاسن والأضداد» للجاحظ ص (٢٥)، و «الجامع لأحكام القرآن» (٥/ ٣٨٤).

<<  <   >  >>