للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز -رحمه الله- (١): «فأوجب سبحانه أداء الصلاة في الجماعة في حال الحرب، فكيف بحال السِّلم؟! ولو كان أحد يُسامَحُ في ترك الصلاة في جماعة، لكان المُصافُّون للعدو، والمهدَّدون بهجومه عليهم، أولى بأن يُسمَحَ لهم في ترك الجماعة، فلما لم يقع ذلك عُلم أن أداء الصلاة في جماعةٍ من أهم الواجبات، وأنه لا يجوز لأحدٍ التخلف عن ذلك».

٢ قوله تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ} [البقرة: ٤٣]، والأمر للوجوب. قال ابن باز -رحمه الله- (٢): «وهذه الآية الكريمة نصٌّ في وجوب صلاة الجماعة، والمشاركة للمصلين في صلاتهم، ولو كان المقصود إقامتها فقط لم تظهر مناسبة واضحة في ختم الآية بقوله سبحانه: {وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ}؛ لكونه قد أمر بإقامتها في أول الآية».

٣ قوله تعالى: {وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [الأعراف: ٢٩]، والأمر هنا كذلك للوجوب.

٤ قوله تعالى: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ} [القلم: ٤١، ٤٢].

قال ابن القيم (٣): «ووجه الاستدلال بها أنه سبحانه عاقَبَهم يوم القيامة بأن حالَ بينهم وبين السجود، لمَّا دعاهم إلى السجود في الدنيا فأبَوا أن يجيبوا الداعيَ، إذا ثبت هذا فإجابة الداعي هي إتيان المسجد بحضور الجماعة، لا فِعلُها في بيته وحده، فهكذا فسر النبي -صلى الله عليه وسلم- الإجابة. وقد قال غير واحد من السلف في قوله تعالى: {وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ}، قال: هو قول المؤذن: «حيَّ على الصلاة، حي على الفلاح».

٥ وعن أبي هريرة -رضي الله عنه-، أن رجلًا أعمى أتي النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقال: يا رسول الله، إنه ليس لي قائد يلائمني إلى المسجد، فهل لي رخصةٌ أن أصليَ في بيتي؟ فقال له النبي


(١) في كتابه: «رسالتان في الصلاة» (ص ١٣).
(٢) في كتابه: «رسالتان في الصلاة» (ص ١٣).
(٣) في كتاب: «الصلاة وحكم تاركها» (ص ٧٢ - ٧٣).

<<  <   >  >>