للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد روي الخطيب باسناده سؤال الذهلي للبخاري في جنازة بن مروان، فقال متممًا الخبر (١): "فما أتى على هذا شهر حتى قال محمد بن يحيي: ألا مَنْ يختلف إِلى مجلسه لا يختلف إِلينا، فانهم كتبوا إِلينا من بغداد: أنه تكلم في "اللفظ" ونهيناه فلم ينته، فلا تقربوه، ومن يقربه فلا يقربنا، فأقام محمد بن اسماعيل هاهنا مدة وخرج إِلى بخاري (٢).

ويبدو أن هذا الخبر وصل إِلى البخاري، وتفهم جيدا القرار الذي أعلنه الذهلي علي أهل نيسابور، ولذلك أعلن البخاري عن رأيه في مسألة اللفظ بعد أن سئل عنه -علي كره منه-.

قال أبو أحمد بن عدي: ذكر لي جماعة من المشايخ أن محمد بن إِسماعيل لما ورد نيسابور إِجتمع الناس عليه، حسده بعض من كان في ذلك الوقت من مشايخ نيسابور لما رأوا إِقبال الناس عليه، وإجتماعهم عليه، فقال لأصحاب الحديث: إِن محمد بن إِسماعيل يقول: اللفظ بالقرآن مخلوق، فإِمتحنوه في المجلس، فلما حضر الناس مجلس البخاري، قام إِليه رجل، فقال: يا أبا عبد الله، ما تقول في اللفظ بالقرآن، مخلوق هو أم غير مخلوق؟ فأعرض عنه البخاري ولم يجبه. فقال الرجل: يا أبا عبد الله، فأعاد عليه القول، فأعرض عنه. ثم قال في الثالثة، فإِلتفت إِليه البخاري، وقال: القرآن كلام الله غير مخلوق، وأفعال العباد مخلوقة والإِمتحان بدعة. فشغب الرجل، وشغب الناس، وتفرقوا عنه. وقعد البخاري في منزله (٣).


(١) تأريخ بغداد: ٢/ ٣١.
(٢) ويمكن الجمع بين هذه الحكاية وما سبقها من روايات أن الذهلي كان يعرف رأي البخاري في "مسألة اللفظ"، ولكن عندما مال أهل نيسابور إِلى البخاري وكاد أن يخلو مجلس الذهلي داخله شيء من الحسد، فأنضاف ذلك إِلى ما أعلنه البخاري عن رأيه، وأيضا إِلى ما كتبه أهل بغداد فيه، فعند ذلك أظهر الذهلي ما في نفسه وأعلن قراره ضد البخاري.
(٣) سير النبلاء (١٢/ ٤٥٣ و ٤٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>