القول الثاني: أنَّ هذه الآية نزلت في آمر سوى الصَّلاة وفيه وجوه:
أولها: أن المعنى أن هؤلاء الذين ظلموا بمنع مساجي أن يذكر فيها اسمي، وسعوا في خرابها أولئك لهم كذا وكذا، ثم إنهم أينما ولُّوا هاربين عني وعن سلطاني، فإن سلطانى يلحقهم، [وتدبيري] يسبقهم، فعلى هذا يكون المراد منه [سعة القدرة والسطان] وهو نظير قوله: «وَهُوَ مَعَكُمْ أيْنَمَا كُنْتُمْ:، وقوله:{رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْماً}[غافر: ٧] ، وقوله:{وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً}[طه: ٩٨] .
وثاينها: قال قَتَادة: إن النبي عليه السلام قال:» إِنَّ أَخَاكُمُ النَّجَاشِيَّ قَدْ مَاتَ فَصَلُّوا عَلَيْهِ «، وقالوا: نصلي على رجل ليس بمسلم فنزل قوله تعالى: {وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الكتاب لَمَن يُؤْمِنُ بالله وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ للَّهِ لَا يَشْتَرُونَ}[آل عمران: ١٩٩] فقالوا: إنه كان لايصل [إلى القِبْلَة، فأنزل الله تعالى:{وَللَّهِ المشرق والمغرب فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ الله} ومعناه أن الجهات التي يصلي إليها أهل الملل من شرق وغرب، وما بينهما كلها لي، فمتى وجّه وجهه نحو شيء منها بأمر يريدني، ويبتغي طاعتي وجدني هناك أي وجد ثوابي فكان هذا عذراً للنجاشي وأصحابه الذين ماتوا على استقبالهم المشرق، وهو نحو قوله تعالى:{وَمَا كَانَ الله لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ}[البقرة: ١٤٣] .
وثالثها: قال الحسن، ومجاهد والضحاك رَضِيَ اللهُ عَنْهم: لما نزل قوله سبحانه وتعالى: {ادعوني أَسْتَجِبْ لَكُمْ}[غافر: ٦٠] قالوا: أين ندعوه؟ فنزلت هذه الآية.
ورابعها: قال علي بن عيسى رَحِمَهُ اللهُ: إنه خطاب للمؤمنين ألا يمنعكم تخريب من خرب مساجد الله تعالى عن ذكره حيث كنتم من أرضهم، فللَّه المشرق والمغرب، والجهات كلها.
وخامسها: زعم بعضهم أنها نزلت في المجتهدين الوافدين بشرائط الاجتهاد فهو مصيب] .