قوله تعالى:{كُلٌّ لَّهُ قَانِتُونَ} مبتدأ وخبر، و «كُلُّ» مضاف إلى محذوف تقديراً، أي: كلّ مَنْ في السموات والأرض.
وقال الزمخشري: ويجوز أن يكون كل من جعلوه لله ولداً كذا قال أبو حيان رَحِمَهُ اللهُ تعالى. وهذا بعيد جداً، لأن المجعول ولداً لم يَجْرِ له ذكر، ولأن الخبر يشترك فيه المجعول ولداًَ وغيره «.
قوله: «لم يَجْرِ له ذكر» بل قد جرى ذكره فلا بُعْدَ فيه.
وجمع «قَانِتُونَ» حملاً على المعنى لما تقدم من أن «كُلَاّ» إذا قطعت عن الإضافة جاز فيها مراعاة اللفظ، [ومراعاة المعنى، وهو الاكثر نحوه:{كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ}[الأنبياء: ٣٣]{وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ}[النمل: ٨٧] ومن مراعاة] اللَّفظ: {قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ على شَاكِلَتِهِ}[الإسراء: ٨٤]{فَكُلاًّ أَخَذْنَا بِذَنبِهِ}[العنكبوت: ٤٠] ، وحسن الجمع هنا لِتَوَاخي رُؤُوس الآي.
والقُنُوت: أصله الدوام، ويستعمل على أربعة أوجه: الطاعة والانقياد، كقوله تعالى:{يامريم اقنتي لِرَبِّكِ}[آل عمران: ٤٣] وطول القيام، كقوله عليه السلام «لما سئل: أي الصَّلاة أفضل؟ قال: طول القُنُوت» وبمعنى السّكوت [كقول زيد بن أرقم رَضِيَ اللهُ عَنْه: كنا نتكلّم في الصلاة حتى نزل قوله تعالى: {وَقُومُواْ للَّهِ قَانِتِينَ}[البقرة: ٢٣٨] فأمسكنا عن الكلام والدعاء، ومنه القنوت.
قال ابن عباس ومجاهد رَضِيَ اللهُ عَنْهما:«قانتون» أي: أن كل من في السموات والأرض مطيعون.
وأورد على هذا أن الكفار ليسوا مطيعين.
وقال السّدي رَحِمَهُ اللهُ تعالى: يطيعون يوم القيامة، وأوردوا على هذا أيضاً بأن هذا صفة المتّكلين] .