وقوله تعالى:{لَّهُ مَا فِي السماوات} يتناول مَنْ لا يكون مكلفاً، فعند هذا فسّروا القنوت بوجوه أخر:
الأول: بكونها شاهدةً على وجود الخالق سبحانه بما فيها من آثار الصّنعة، وأمارات الحدوث والدلائل على الربوبية.
الثاني: كون جميعها في ملكه وقهره يتصرّف فيها كيف يشاء، وهو قول أبي مسلم رَحِمَهُ اللهُ تعالى، وعلى هذين الوجيهن الآية عامة.
الثالث: أراد بما في السَّموات الملائكة وما في الأرض عيسى والعزيز؛ أي كل من هؤلاء الذين حكموا عليه بالولدية أنهم قانتون له.
فصل فيمن قال اتخذ الله ولداً
قال ابن الخطيب: اعلم أن الظاهر من قوله: {وَقَالُواْ اتخذ الله وَلَداً} أن يكون راجعاً إلى قوله: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَّنَعَ مَسَاجِدَ الله}[البقرة: ١١٤] وقد ذركنا أن منهم من تأوّله على النصارى.
ومنهم من تأوّله على مشركي العرب.
ونحن قد تأولناه على اليهود، وكل هؤلاء أثبوا الولد لله تعالى؛ لأن اليهود قالوا: عزير ابن الله، والنَّصَارى قالوا: المسيح ابن الله، ومشركوا العرب قالوا: الملائكة بنات الله، فلا جَرَمَ صحت هذه الحكاية على جميع التقديرات.
قال ابن عباس رَضِيَ اللهُ عَنْهما: إنها نزلت في كعب بن الأشرف، وكعب بن الأسد، ووهب بن يهوذا؛ فإنهم جعلوا عزيراً ابن الله [سبحانه لم يتخذ صاحبة ولا ولداً.
وروى ابن عباس رضي الله تعالى عنهما] عن النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قال: قال الله تعالى: «كَذَّبَنِي ابْنُ آدَمَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، وشَتَمَنِي وَلَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، فَأَمَّا تَكْذِيبُهُ إِيَّايَ فَزَعَمَ أنِّي لَا أََقْدِرُ أنْ أُعِيدَهُ كَمَا كَانَ، وَأَمَّا شَتْمُهُ إِيَّايَ فَقَوْلُهُ: لِي وَلَدٌ فَسُبْحَانِي أنْ أَتْخِذَ صَاحِبَةً أوْ وَلَداً» .
فصل في تنزيه الله تعالى
قال ابن الخطيب رَحِمَهُ اللهُ: احتج على التنزيه بقوله تعالى: {بَل لَّهُ مَا فِي السماوات والأرض} ووجه الاستدلال من وجوه: