للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

الأول: أن كل ما سوى الموجود الواجب ممكن لذاتهن وكل ممكن لذاته محدث، وكل محدث فهو مخلوق لواجب الوجود، والمخلوق لا يكون ولداً [لأن المخلوق محدث مسبوق بالعدم، ووجوده إنما حصل يخلق الله تعالى وإيجاده وإبداعه، فثبت أن ما سواه فهو عبده، وملكه، فيستحيل أن يكون كل شيء مما سواه ولداً له، كلّ هذا مستفاد من قوله: «بل له ما في السموات والأرض» أي: له كلّ ماسواه على سبيل الملك والخلق والإيجاد والإبداع] .

والثاني: أن هذا الذي أضيف إليه بأنه ولده، إما أن يكون قديماً أزلياً أو محدثاً، فإن كان أزليًّا لم يكن حكمنا بجعل أحدها ولداً والآخر والداً أولى من العكس، فيكون ذلك الحكم حكماً مجرّداً من غير دليل، وإن كان الولد حادثاً كان مخلوقاً لذلك القديم وعبداً له فلا يكون ولداً له.

والثالث: أن الولد لا بد وأن يكون من جنس الوالد، فلو فرضنا له ولداً لكان مشاركاً له من بعض الوجوه، وممتازاً عنه من وجه آخر، وذلك يقتضي كون كلّ واحد منهما مركباً ومحدثاً وذلك مُحَال، فإذن المجانسة ممتنعةٌ، فالولدية ممتنعة.

الرابع: أن الولد إنما يتخذ للحاجة إليه في الكبر، ورجاء الانتفاع بمعونته حال عَجْزِ الأب عن أمور نفسه، فعلى هذا إيجاد الولد إنما يصحّ على من يصح عليه الفَقْر [يحكى أن علي بن أبي طالب رَضِيَ اللهُ عَنْه قال لبعض النصارى: لولا تمرد عيسى عن عبادة الله عَزَّ وَجَلَّ لصرت على دينه فقال النصراني: كيف يجوز أن ينسب ذلك إلى عيسى عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ مع جده في طاعة الله تعالى؟ فقال علي رَضِيَ اللهُ عَنْه: فإن كان عيسى إلهاً فكيف يعبد غيره، إنما العبد هو الذي تليق به العبادة، فانقطع النصراني] .

قوله تعالى: «بَدِيعُ السَّمَوَاتِ» المشهور رفعه على أنه خبر مبتدأ محذوف، أي: هو بديع.

وقرىء بالجر على أنه بدل من الضمير في «لَهُ» [وفيه الخلاف المشهور] وقرىء بالنصب على المدح.

<<  <  ج: ص:  >  >>