انقطاع تلك اللعنة عند مجيء يوم الدين وأجاب الزمخشري بأن اللغنة باقية عليه في الدنيا فإذا جاء يوم القيامة حصل مع اللعنة أنواع من العذاب فتصير اللعنة مع حصرها منفية واعمل أنَّ إبليس لما صار مغلوباً قال:«فَانْظِرْنِي إلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ» ، قيل: إنما طلب الإنظار إلى يوم القيامة لأجل أن يتخلص من الموت لأنه إذا أُنظر إلى يوم البعث لم يَمُت قبل يوم البعث وعند مجيء البعث لا يموت فحينئذ يتخلص من الموت فقال تعالى: {فَإِنَّكَ مِنَ المنظرين إلى يَوْمِ الوقت المعلوم} أي إنك من المنظرين إلى يوم يعلمه الله ولا يعلمه أحد سواه فقال إبليس: «فَبِعِزَّتِكَ» وهو قسم بعزة الله وسلطانه لأُغْوِيَنَّهُم أَجْمَعِينَط فههنا أضاف الإغواء إلى نفسه على مذهب القَدَرِيَّة، وقال مرة أخرى: رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي فأضاف الإغواء إلى الله على ما هو مذهبُ الجَبْرية. ثم قال:{إِلَاّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ المخلصين} قيل: إن غرض إبلس من هذا الاستثناء أن لا يقع في كلامه الكذب لأنه لو لم يذكر هذا الاستثناء او أدعى أنه يغوي الكل لظهر كذبه حين يعجز عن إغواء عباد الله المخلصين وعند هذا يقال: إن الكذب شيء يستنكفُ منه إبليس فكيف يليق بالمسلم (الإقدام عليه) ؟ وهذا يدل على أن إبليس لا يُغْوي عباد الله المخلصين، وقد قال الله تعالى في صفة يُوسُفَ عليه (الصلاة و) السلام -: {إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا المخلصين}[يوسف: ٢٤] فتحصل من مجموع الآيتين أن إبليس ما أغوى يوسفَ عليه السلام فدل على كذب المَانَوِيَّة فيما نسبوه إلى يوسف - عليه (الصلا و) السلام - من القبائح.
قوله:{فالحق والحق} قرأهما العامة منصوبيين، وفي نصب الأول أوجه:
أحدها: أنه مقسم به حذف منه حرف القسم فانتصب كقوله:
٤٢٨٤ - فَذَاكَ أَمَانَةَ اللَّهِ الثَّرِيدُ ... وقوله: لأَمْلأَن (جَهَنَّمَ) جواب القسم، قال أبو البقاء: إِلَاّ أَنَّ سِيبَوَيْهِ يدفعه