ليتوسل به إلى القَدْح في أمر الله وتكليفه وذلك يوجب الكفر. وإذا عرفتَ هذا فنقول: إن إبليس لما ذكر هذا القياس الفاسد قال تعالى: {فاخرج مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ} وقد ثبت في أصول الفقه أن ذكر الحكم عقيب الوصف المناسب يدل على كون ذلك الحكم معلَّلاً بذلك الوصف، وههنا الحكم بكونه رجمياً ورد عيبَ ما حكمى عنه أنه خصص النص بالقياس فهذا يدل على أن تخصيص النص بالقياس يوجب هذا الحكم.
قوله:«مِنْهَا» أي من الجنة أو من الخِلْقَة لأنه كان حَسَناً فرَجَعَ قبيحاً؛ وكان نُورَانِيًّا فعاد مُظْلِماً. وقيل: من السَّمَوَاتِ وقال هنا لَعْنَتِي وفي غيرها اللَّعنة، وهما وإن كانا في اللفظ عامًّا وخاصًّا إلا أنهما من حيث المعنى عامًّان بطريق اللازم لأن من كانت عليه لعنة الله كانت عليه لعنة كل أحدٍ لا مَحَالَةَ، وقال تعالى:{أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ الله والملائكة والناس أَجْمَعِينَ}[البقرة: ١٦١] وباقي الجملة تقدم نظيرُها؟
قوله:«الرَّجِيم» المرجوم والرَّجم ههنا عبارة عن الطَّرْد؛ لأن الظاهر أن من طُرِدَ فقد يرمى بالحجارة وهو الرجم فلما كان الرجم من لوازم الطرد جعل الرجم كناية عن الطرد.
فإن قيل: الطرد هو اللَّعن، فلو جملنا قوله:«رَجيمٌ»(على الطرد) لكان قوله بعد ذلك: {وَإِنَّ عَلَيْكَ لعنتيا} تَكْرَاراً.
فالجواب: من وجهين:
الأول: أنّا نحمل الرجم على الطرد من الجنة من السموات ونحمل اللعن على الطرد من رحمة الله.
الثاني: أنا نحمل الرجم على الطرد ونحمل قوله: {وَإِنَّ عَلَيْكَ لعنتي إلى يَوْمِ الدين} على أنه الطرد إلى يوم القيامة فيكون على هذا فيه فائدة زائدة ولا يكون تكراراً، وقيل: المراد بالرجم كون الشياطين مرجومين بالشهب.
فإن قيل: كلمة «إلى» لانتهاء الغاية فقوله: {إلى يَوْمِ الدين} يقتضي