تخويفهم وكيدهم ومكرهم على الله بقوله:{وَأُفَوِّضُ أمري إِلَى الله} وهو إنما تعلم هذه الطريقة من موسى عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ حين خوّفة فرعون بالقتل فرجع موسى في دفع ذلك الشر إلى الله تعالى فقال: {إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ مِّن كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لَاّ يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الحساب}[غافر: ٢٧] . ثم قال:{إِنَّ الله بَصِيرٌ بالعباد} . أي عالم بأحوالهم يعلم المحقَّ من المُبطل.
قوله:{فَوقَاهُ الله سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُواْ} . قال مقاتال: لما قال هذه الكلمات قصدوا قتله فهرب منهم إلى الجبل فطلبوه، فلم يهتدوا عليه. وقيل: المراد بقوله: فوقاه الله سيئات ما مكروا أنه قصدوا إدخاله في الكفر، وصرفه عن الإسلام، فوقاه الله من ذلك. والأول أولى، لأن قوله بعد ذلك:{وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سواء العذاب} لا يليق إلا بالوجْهِ الأول.
وقرأ حمزة وَحِيقَ بكسر الحاء وكذلك في كل القرآن والباقون بفالتح.
قال قتادة: نجا مع مُوسَى، وكان قِبْطِيًّا. «وَحَاقَ» نزل «بآل فرعون سواء العذاب» الغرق في الدنيا، والنار في الآخرة.
قوله:«النَّارُ» الجمهور على رفعها، وفيه ثلاثةُ أوجهُ:
أحدهما: أنه بدل من: «سوء العذاب» قاله الزجاج.
الثاني: أنه خبر مبتدأ محذوف أي هو أي سُوء العذابِ النارُ، لأنه جواب لسؤال مقدر؛ و «يُعْرَضَونَ» على هذين الوجهين يجوز أن يكون حالاً من «النار» ، ويجوز أن يكون حالاً من «آل فرعون» .
الثالث: أنه مبتدأ، وخره:«يُعْرََضُونَ» .
وقُرِىءَ النَّارَ منصوباً، وفيه وجهان:
أحدهما: أنه منصوب بفعل مضمر يفسره يعرضون من حيث المعنى أي يصلونَ النارَ يُعْرَضُونَ عليها كقوله: {والظالمين أَعَدَّ لَهُمْ}[الإنسان: ٣٢] .