هذه كيفية عقابهم، والمعنى أنه يكون في أعناقهم أغلال وسلاسل ثم يسحبون بتلك السلاسل في الماء المُسَخَّنِ بنار جهنم، ثم تُوقَدُ بهم النار {قِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ تُشْرِكُونَ مِن دُونِ الله} يعني الأصنام {قَالُواْ ضَلُّواْ عَنَّا} أي فقدناهم وغابوا عن عيوننا فلا نراهم، ثم قالوا:{بَل لَّمْ نَكُنْ نَّدْعُواْ مِن قَبْلُ شَيْئاً} أنكروا، كقولهم في سورة الأنعام:{والله رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ}[الأنعام: ٢٣] وقيل: معناه لم نكن ندعو من قبل شيئاً يضر وينفع. وقال الحسين بن الفضل: أي لم نكن نصنع من قبل شيئاً أي ضاعت عبادتنا لها كما يقول من ضاع عمله: «ما كنت أعمل شَيْئاً» .
ثم قال تعالى:{كَذَلِكَ يُضِلُّ الله الكافرين} قال القاضي: معناه أنه يُضِلُّهم عن طريق الجنة، ولا يجوز أن يقال: بضلهم عن الحجة، وقد هداهم في الدنيا، وقال {يُضِلُّ الله الكافرين} مثل ضلال آلهتهم عنهم يضلهم عن آلهتهم حتى أنهم لو نطلبوا الآلهة، أو طلبتهم الآلهة لم يجد أحدهما الآخر.
قوله تعالى:{بِمَا كُنتُمْ تَفْرَحُونَ} أي ذلكم العذابُ الذي نزل بكم {بِمَا كُنتُمْ تَفْرَحُونَ} تَبْطُرون وتَأشِرُنَ {فِي الأرض بِغَيْرِ الحق وَبِمَا كُنتُمْ تَمْرَحُونَ} تفرحون وتختالون. وقيل: تفرحون من باب التجنيس المحرف، وهو أن يقع الفرق بين اللفظين بحرف.
قوله:{ادخلوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ} أي السبعة المقسومة لكم {خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى المتكبرين} المخصوص بالذم محذوف؛ أي جهنمُ أو مَثْوَاكُمْ، ولم يقل: فبئس مدخل؛ لأن الدخول لا يدوم وإنما يدوم الثّواء، فلذلك خصه بالذم، وإن كان أيضاً مذموماً.