اعلم أن روضة الجنة أطيب بقعةٍ فيها، وفيه تنبيه على أن الفسَّاق من أهل الصلاة كلهم من أهل الجنة؛ لأنه خص الذين آمنوا وعملوا الصالحات بأنهم في روضات الجنَّات، وهي البقاع الشَّريفة كالبقاع التي دون تلك الروضات، لا بد وأن تكون مخصوصة بمن كانوا دونن الذين آمنوا وعملوا الصالحات.
ثم قال:{لَهُمْ مَّا يَشَآءُونَ عِندَ رَبِّهِمْ} وهذا يدل على أن تلك الأشياء حاضرة عنده مهيَّأة. والعندية مجاز و «عِنْدَ رَبِّهِمْ» يجوز أن يكون ظرفاً «لِيَشَاءُونَ» . قاله الحوفي، أو للاستقرار العامل في «لهم» قال الزمخشري. ثم قال:{ذَلِكَ هُوَ الفضل الكبير} وهذا يدل على أنَّ الجزاء المرتب على العمل إنما حصل بطريق الفضل من الله تعالى لا بطريق الوجوب والاستحقاق.
قوله تعالى:{ذَلِكَ الذي يُبَشِّرُ الله عِبَادَهُ} كقوله: «كالَّذِي خَاضُوا» . وقد تقدم تحقيقه. وتقدمت القراءات في يُبَشِّرُ. وقرأ مجاهدٌ وحُمَيْدُ بنُ قَيْسٍ: يُبْشِرُ بضم الياء وسكون الباء وكسر الشين من أَبْشَرَ منقولاً من بَشِرَ بالكسر لا من بَشَرَ بالفتح؛ لأنه متعدٍّ والتشديد في «بشر» للتكثير لا للتعدية، لأنه متعد بدونها.
ونقل أبو حيان قراءة يَبْشُرُ بفتح الياء وضم الشين عن حمزة والكسائي (أي) من السَّبعة، ولم يذكر غيرهما من السبعة، وقد وافقهما على ذلك ابن كثير وأبو عمرو. و «ذلك» مبتدأ، والموصول بعده خبره، وعائده محذوف على التدريج