المذكور كقوله «كالَّذِي خَاضُوا» أي يُبَشِّرُ بِهِ، ثم يُبَشِّرُهُ على الاتساع. وأما على رأي يونُس فلا يحتاج إلى عائد؛ لأنها عنده مصدرية وهو قول الفراء أيضاً، أي ذلك تبشير الله عباده. وذلك إشارة إلى ما أعده الله تعالى لهم من الكرامة. وقال الزمخشري: أو ذلك التبشير الذي يبشِّره الله عباده. قال أبو حيان: وليس بظاهر؛ إذ لم يتقدم في هذه السورة لفظ البشرى ولا ما يدل عليها من «بَشَّر» أو شبهه.
فصل
هذه الآيات دالة على تعظيم حال الثواب من وجوه:
الأول: أن الملك الذي هو أعظم الموجودات وأكرمهم إذا رتب على أعمال شاقة جزاءً، دل ذلك على أن ذلك الجزاء قد بلغ إلى حيث لا يعلم كُنْهَهُ إلَاّ الله تعالى.
الثاني: أن قوله تعالى: {لَهُمْ مَّا يَشَآءُونَ} يدخل في باب غير المتناهي؛ لأنه لا درجة إلا والإنسان يريد ما هو أعلى منها.
الثالث: أنه تعالى قال: {ذَلِكَ هُوَ الفضل الكبير} والذي يحكم بكبره من له الكبرياء والعظمة على الإطلاق يكون في غاية الكبر.
واعلم أنه تعالى لما أوحى إلى محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ هذا الكتاب الشريف، وأودع فيه أقسام الدلائل والتكاليف ورتبه على لطاعة والثواب وأمره بتبليغه إلى الأمة أمره بأن يقول إني لا أطلب منكم بسبب هذا التبليغ نفعاً حاضراً فقال:{قُل لَاّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَاّ المودة فِي القربى} .