يصرح بذكره. والجَعْلُ في هذا تصيير، ولا يلتفت لخطأ الزمخشري في تَجْوِيزِه أن يكون بمعنى خلقانه.
فصل
ذكر المفسرون في هذه الآية وجهين:
الأول: أن يكون التقدير هذه حم والكتاب المبين فيكون المقسم واقعاً على أن هذه السورة هي سورة حم.
الثاني: أن يكون القسم واقعاً على قوله: {إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً} .
وفي المراد بالكتاب قولان:
أحدهما: أنه القرآن فيكون قد أقسم بالقرآن أنه جعله عربياً.
والثاني: المراد بالكتاب الكتابة والخط، أقسم بالكتاب لكثرة ما فيه من المنافع، ووصف الكتاب بأنه مبين أي أبان طريق الهدى من طريق الضلال، وأبان ما يحتاج إليه الأمة من الشريعة وتسميته مبيناً مجاز؛ لأن المبين هو الله تعالى وإنما سمي القرآن بذلك توسعاً من حيث إنه حصل البيان عنده.
وقوله:«جَعَلْنَاهُ» أي صَيَّرْنَا قراءة هذا الكتاب عربياً. بيّناه. وقيل سميناه وقيل وضعناه. يقال: جَعَلَ فُلَانٌ زَيْداً عَالِماً، أي وصفه بهذا، كقوله:{وَجَعَلُواْ الملائكة الذين هُمْ عِبَادُ الرحمن إِنَاثاً}[الزخرف: ١٩] و {جَعَلُواْ القرآن عِضِينَ}[الحجر: ٩١]{أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الحاج}[التوبة: ١٩] كلها مدفوع من وجهين:
الأول: أنه لو كان المراد من الجعل التسمية لزم أن سماه عجمياً أنه يصير عجمياً، وإن كان بلغة العرب، وهذا باطل.