الثاني:(أنه) لو صرف الجَعْلُ إلى التسمية لزم كونُ التسمية مجعولة، والتسمية أيضاً كلام الله وذكل أنه جعل بعض كلامه، وإذا صح ذلك في البعض صح في الكل.
الثاني: أنه وصفه بكونه قرآناً، وهو إنما سمي قرآناً، لأنه جعل بعضه مقروناً بالبعض، وما كان ذلك مصنوعاً.
الثالث: وصفه بكونه عربياً، وإنما يكون عربياً، لأن العرب اختصت بضوع ألفاضه واصطلاحهم، وذلك يدل على أنه مجعول. والتقدير: حَم وَرَبِّ الكِتَابِ المُبِينِ.
وأجاب ابن الخطيب: بأن هذا الذي ذكرتموه حق؛ لأنكم استدللتم بهذه الوجوه على كون الحروف المتواليات والكلمات المتعاقبة مُحْدَثَةً، وذلك معلوم بالضرورة وَمَنِ الذي ينازعكم فيه.
قله:{لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} كلمة «لَعَلَّ» للتمني والترجي، وهي لا تليق بمن كان عالماً بعواقب الأمور، وكان المراد ههنا: إنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبيًِّا لأجل أن تُحِطُوا بمَعْنَاه.
قوله تعالى:{وَإِنَّهُ في أُمِّ الكتاب} متعلقان بما بعدهما، ولا تمنع اللام من ذلك. ويجوز أن يكونا حالين مما بعدهما؛ لأنهما كمانا وصفين له في الأصل فيتعلقان بمحذوف، ويجوز أن يكون «لدينا» متعلقاً بما تعلق به الجار قبله، إذا جعلناه حالاً من لَعَلِيّ، وأن يكون حالاً من الضمير المستتر فيه. وكذا يجوز في الجار أن يتعلق بما تعلق به الظرف وأن يكون حالاً من ضميره عند من يجوز (تقديمها) على العامل المعنوي، ويجوز أن يكون الظرف بدلاً من الجار قبله، وأن يكونا حالين من «الكتاب» أو مِنْ «أُمِّ» .
ذكر هذه الأوجه الثلاثة أبو البقاء، وقال:«ولا يجوز أن يكون واحدٌ من الظرفين خبراً؛ لان الخبر لزم أن يكون» عَلِيًّا «من أجل اللام» . قال شهاب الدين: وهذا يمنع