ويكون من كلام الله تعالى استبعاداً لإنكارهم ما أنذروا به من البعث والوقف على «ما» على هذا التفسير حَسَنٌ.
فإن قيل: فما ناصب الظرف إذا كان الرَّجْعُ بمعنى المرجوع؟ .
فالجواب: ما دلّ عليه المُنْذِر من المُنْذَرِ به وهو البَعْثُ.
فصل
قال ابن الخطيب:«ذلك» إشارة إلى ما قاله وهو الإنذار، وقوله: هذا شيء عجيب إشارة إلى المجيء فلما اختلفت الصفتان نقول: المجيء والجائي كل واحد حاضراً وأما الإنذار وإن كان حاضراً لكن المنذر به كان جازماً على الحاضر، فقالوا فيه ذلك. والرجوع مصدر رَجَعَ إذا كان متعدياً والرجوعُ مصدر إذا كان لازماً وكذلك الرُّجعى مصدر عند لُزُومه. والرجوع أيضاً يصحّ مصدراً للَاّزم فيحتمل أن يكون المراد بقوله:{ذَلِكَ رَجْعُ بَعِيدٌ} أي رجوعٌ بعيد، ويحتمل أن يكون المراد: الرّجْعَى المتعدِّي، ويدل على الأول قوله تعالى:{إِنَّ إلى رَبِّكَ الرجعى}[العلق: ٨] وعلى الثاني قوله تعالى: {أَإِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الحافرة}[النازعات: ١٠] أي مرجوعون؛ فإنه من الرجوع المتعدي.
فإن قلنا: هو من المتعدي فقد أنكروا كونه مقدوراً في نفسه.
فصل
قال المفسرون: تقديره: أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً نُبْعَثُ، ترك ذكر البعث لدلالة الكلام عليه:«ذَلِكَ رَجْعٌ» أي رد إلى الحياة «بَعِيدٌ» غير كائن أي يَبْعُدُ أنْ نُبْعَثَ بعد الموت.
قوله تعالى:{قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنقُصُ الأرض مِنْهُمْ} أي تأكل من لحومِهِم ودمائِهِم وعِظَامهم، لا يعزب عن علمه شيء. وقال السدي: هو الموت يَقُول: قد علمنا من يموتُ منهم، ومن يبقى.