الآلهة إلها وَاحِداً إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عُجَابٌ} [ص: ٥] وقال ههنا: إنَّ {هذا شَيْءٌ عَجِيبٌ} ، ولم يكن هناك ما تقع الإشارة إليه إلا مجيء المنذر، ثم قالوا:«أَئِذَا متْنَا» ، وأيضاً أن ههنا وُجد بعد الاستبعاد بالاستفهام أَمرٌ يؤدي معنى التعجب، وهو قولهم:{ذَلِكَ رَجْعُ بَعِيدٌ} ؛ فإنه استبعاد وهو كالتعجب فلو كان التعجب أيضاً عائداً إليه لكان كالتكرار.
فإن قيل: التكرار الصريح يلزم من قولك: {هذا شيء عجيب} يعود إلى مجيء المنذر فإن تعجبهم منه علم من قوله: {وعجبوا أن جاءهم} فقوله: {هذا شيء عجيب} ليس تكراراً {.
نقول: ذلك ليس بتكرار، بل هو تقرير؛ لأنه لما قال: بل عجبوا بصيغة الفعل وجاز أن يتعجب الإنسان مما لا يكون عجباً كقوله (تعالى) : {أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ الله}[هود: ٧٣] ويقال في العرف: لا وجه لِتَعَجُّبِكَ مما ليس بعجب، فكأنهم لما عجبوا قيل لهم: لا معنى لتَعَجُّبِكُمْ، فقالوا: هذا شيء عجيب فكيف لا نعجب منه؟} ويدل على ذلك قوله تعالى ههنا:{فَقَالَ الكافرون هذا شَيْءٌ عَجِيبٌ} بحرف الفاء وقال في «ص» : {وقال الكافرون هذا ساحر} بحرف الواو فكان نعتاً غير مرتب على ما تقدم، وهذا شيء عجيب أمر مرتب على ما تقدم، أي لما عجبوا أنكروا عليهم ذلك فقالوا: هذا شيء عجيب كيف لا نعجب منه؟ ويدل عليه أيضاً قوله تعالى:{ذَلِكَ رَجْعُ بَعِيدٌ} بلفظ الإشارة إلى البعيد.
قوله:«هذا ساحر» إشارة إلى الحاضر القريب فيَنْبَغي أن يكون المشار إليه بذلك غير المشار إليه بهَذَا، وهذا لا يصحُّ إلا على قولنا.
قوله:«أَئِذَا مِتْنَا» قرأ العامَّة بالاستفهام؛ وابن عامر - في رواية - وأبو جعفر والأعْمش والأعْرج بهمزة واحدة فيحتمل الاستفهام كالجمهور. وإنما حذف الأداة للدلالة، ويحتمل الإخبار بذلك، والناصب للظرف في قراءة الجمهور مقدر أي أنُبْعَثُ أو أنَرْجِعُ إِذا مِتْنَا. وجواب «إذا» على قراءة الخبر محذوف أي رَجَعْنَا. وقيل قوله:«ذَلِكَ رَجْعٌ» على حذف الفاء، وهذا رأي بعضهم. والجمهور لا يجوز ذلك إلَاّ في شعر (وقال الزمخشري) : ويجوز أن يكون الرَّجْعُ بمعنى المرجوع وهو الجواب،