للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

والشِّقَاق: مصدر من شاقَّهُ يُشَاقّه نحو: ضاربه ضِراباً، ومعناه المخالفة والمعاداة.

وفي اشتقاقه ثلاثة أقوال:

أحدها: أنه من الشّق وهو الجانب. وذلك أن أحد المشاقين يصير في شقّ صابحه، أي: جانبه؛ قال امرؤ القيس: [الطويل]

٨١٦ - إذَا مَا بَكَى مِنْ خَلْفِهَا انْصَرَفَتْ لَهُ ... بِشِقِّ وَشِقٌّ عِنْدَنَا لَمْ يُحَوَّلِ

أي: بجانب.

الثاني: أنه من المشقة، فإن كلاًّ منهما يحرص على ما يَشُقّ على صاحبه.

الثالث: أنه من قولهم: «شققتُ العَصَا بين وبينك» ، وكانوا يفعلون ذلك عند تعاديهم.

فصل في الكلام على الآية

قال ابن الخطيب: معناه إن تركوا مثل هذا الإيمان فقد التزموا المناقضة، والعاقل لا يلتزم المناقضة ألبتة، فحيث التزموها علمنا أنه ليس غرضهم طَلَب الدين، والانقياد للحق، وإنما غرضهم المنازعة، وإظهار العداوة.

قال ابن عباس وعطاء رَضِيَ اللهُ عَنْهما «فإنما هم في شِقَاقٍ» أي: في خلاف منذ فارقوا الحقّ، وتمسّكوا بالباطل، فصاروا مخالفين لله.

وقال أبو عبيدة ومقاتل: «في شِقَاقٍ» ، أي: في ضلال.

وقال ابن زيد: في منازعة ومُحَاربة.

وقال الحسن: في عداوة.

قال القاضي: ولا يكاد يقال في المُعَاداة على وجه الحق، أو المخالفة التي لا تكون معصية: إنه شقاق، وإنما يقال ذلك في مخالفة عظيمة توقع صاحبها في عداوة الله وغضبه ولعنته وفي استحقاق النَّار، فصار هذا القول وعيداً منه تعالى لهم، وصارَ وَصْفُهُمْ بذلك دليلالآ على أنهم معادون للرسول، مضمرون له السوء مترصّدون لإيقاعه في المِحَنِ، فعند هذا آمنه الله تعالى ت من كيدهم، وآمن المؤمنين من شرّهم ومكرهم، [فقال: «سَيَكْفِيكَهُمْ اللهُ» تقوية لقلبه وقلوب المؤمنين] .

و «الفاء» في قوله: «فَسَيْكَفِيْكَهُمْ» تشعر بتعقيب الكفاية عقب شقاقهم، وجيء ب «السين» دون «سوف» ؛ لأنها أقرب منها زماناً بوضعها، ولا بد من حذف مضاف أي:

<<  <  ج: ص:  >  >>