للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

ومنه قوله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ: «لا يَقُولنَّ أحدُكم: عَبْدِي وأمَتِي، وليقُلْ: غُلامِي وجَاريَتِي وفَتَايَ وفَتَاتِي» .

قوله: {لَوْ نَشَآءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَاماً} .

أتى هنا بجواب «لو» مقروناً ب «اللام» ، وهو الأكثر؛ لأنه مثبت، وحذف في قوله: {جَعَلْنَاهُ أُجَاجاً} [الواقعة: ٧٠] ؛ لأن المنّة بالمأكول أعظم منها بالمشروب. قاله الزمخشري.

وهذا منقوض بقوله: {وَلَوْ نَشَآءُ لَطَمَسْنَا} [يس: ٦٦] و {وَلَوْ نَشَآءُ لَمَسَخْنَاهُمْ} [يس: ٦٧] ، وذلك أن أمر الطَّمس أهون من أمر المسخ، وأدخل فيهما «اللام» .

وأجاب الزمخشري بجواب آخر فقال: {ولو نشاء لجعلناه حطاماً} كان أقرب الذكر، فاستغنى باللام فيه عن ذكرها ثانياً.

قال ابن الخطيب: وهذا ضعيف؛ لأن قوله تعالى: {وَلَوْ نَشَآءُ لَطَمَسْنَا على أَعْيُنِهِمْ} [يس: ٦٦] مع قوله: {وَلَوْ نَشَآءُ لَمَسَخْنَاهُمْ} [يس: ٦٧] أقرب من قوله: {لَجَعَلْنَاهُ حُطَاماً} ، و {جَعَلْنَاهُ أُجَاجاً} [الواقعة: ٧٠] اللَّهُم إلَاّ أن تقول هناك: أحدهما قريب من الآخر ذكراً لا معنى؛ لأن الطَّمْس لا يلزمه المَسْخ ولا بالعكس، وأما المأكول يكون معه المشرُوب في الدهر فالأمران متقاربان لفظاً ومعنى.

فصل في الكلام على هذه الآية

قال الماوردي: هذه الآية تتضمن أمرين:

أحدهما: الامتنان عليهم بأن أنبت زرعهم حتى عاشوا به ليشكروه على نعمته عليهم.

الثاني: البرهان الموجب للاعتبار؛ لأنه لما أنبت زرعهم بعد تلاشي بذره، وانتقاله إلى استواء حاله من العفنِ والتَّتريب حتى صار زرعاً أخضر، ثم قوي مشتدًّا أضعاف ما كان عليه، فهو بإعادة من أمات أحق عليه وأقدر، وفي هذا البرهان مقنع لذوي الفطر السَّليمة، ثم قال: {لَوْ نَشَآءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَاماً} أي: متكسِّراً، يعني: الزَّرع والحُطَام الهشيم الهالك الذي لا ينتفع به في مطعم ولا غذاء، فنبَّه بذلك على أمرين:

<<  <  ج: ص:  >  >>