وفيه وجهان:
أظهرهما: أنه ارتفع على الابتداء، والجملة بعده خبره، والعائد محذوف أي: وعده الله.
ومثله: [الرجز]
٤٧١٦ - قَدْ أصْبَحَتْ أمُّ الخِيَارِ تَدَّعِي ... عَلَيَّ ذَنْباً كُلُّهُ لَمْ أصْنَعِ
برفع «كلُّه» أي: لم أصنعه.
والبصريون [رحمة الله عليهم] لا يجيزون هذا إلَاّ في شعر، كقوله: [السريع]
٤٧١٧ - وخَالِدٌ يَحْمَدُ سَادَاتِنَا ... بالحَقِّ لا يَحْمَدُ بالبَاطِلِ
ونقل ابن مالك الإجماع من البصريين والكوفيين على جواز ذلك إن كان المبتدأ «كُلاًّ» وما أشبهها في الافتقار والعموم.
قال شهاب الدين لم أره لغيره وقد تقدم نحو من ذلك في سورة «المائدة» ، عند قوله تعالى: {أَفَحُكْمَ الجاهلية يَبْغُونَ} [المائدة: ٥٠] ولم يرو قوله: «كله لم أصنع» إلا بالرفع مع إمكان أن تنصبه، فتقول: «كله لم أصنع» مفعولاً مقدماً.
قال أهل البيان: لأنه قصد عموم السَّلب لا سلب العموم، فإن الأول أبلغ، وجعلوا من ذلك قوله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ «كُلُّ ذلِكَ لَمْ يَكُنْ» .
ولو قال: لم يكن كل ذلك، لكان سلباً للعموم، والمقصود عموم السَّلب.
قال الشيخ عبد القاهر: المعنى يتفاوت بالرفع والنصب، فمع الرفع يفيد أنه لم يفعل شيئاً من الأشياء، ومع النَّصْب يفيد أنه يفعل المجموع، ولا يلزم أنه لم يفعل البعض، بل إن قلنا بدليل الخطاب دل على أنه فعل البعض.
والثاني: أن يكون «كلّ» خبر مبتدأ محذوف، و {وعد الله الحسنى} صفة لما قبله، والعائد محذوف، أي: «وأولئك كل وعد الله الحسنى» .
فإن قيل: الحذف موجود أيضاً فقد عدتم لما فررتم منه؟ .
فالجواب: أن حذف العائد من الصفة كثير بخلاف حذفه من الخبر.
ومن حذفه من الصفة قوله: [الوافر]