قال الزمخشري: كأنها نسبة إلى «الرُّهْبَان» ، وهو جمع: راهب، ك «راكب، ورُكْبان» .
قال أبو حيان: والأولى أن يكون منسوباً إلى «رَهْبَان» - يعني بالفتح - وغيِّر؛ لأنَّ النَّسب باب تغيير، ولو كان منسوباً ل «رُهْبَان» الجمع لردّ إلى مفرده إلَاّ إن قد صار كالعلم، فإنه ينسب إليه ك «الأنصار» .
فصل في المراد بالرهبانية
والمراد من الرهبانية: ترهُّبُهم في الجبال فارِّين من الفتنة في الدين متحملين كلفاً زائدة على العبادات التي كانت واجبة عليهم من الخلوة، واللِّباس الخَشِن، والاعتزال عن النساء، والتعبُّد في الغيرانِ والكهوف.
روى ابن عباس أن في أيام الفترةِ بين عيسى ومحمد - عليهما الصلاة والسلام - غيَّر الملوك التوراة والإنجيل، فراح نفرٌ، وبقي نفر قليل، فترهبوا وتبتلوا.
قال الضحاك: إن ملوكاً بعد عيسى - عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ - ارتكبوا المحارم ثلاثمائة سنة، فأنكرها عليهم من كان بقيَ على منهاج عيسى فقتلوهم، فقال قوم بقوا بعدهم: نحن إذا نهيناهم قتلونا، فليس يسعُنَا المقام بينهم، فاعتزلوا الناس واتخذوا الصَّوامع.
وقال قتادة: الرهبانية التي ابتدعوها رفضُ النساء، واتخاذ الصَّوامع.
وفي خبر مرفوع: هي لحوقهم بالبرارِي والجبال.
قوله تعالى:{مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ} .
صفة ل «رهبانية» ، ويجوز أن يكون استئناف إخبار بذلك.
قال ابن زيد: معناه ما فرضناها عليهم، ولا أمرناهم بها.