وقيل: سمعوا من أنفسهم شهيقاً كقوله تعالى: {لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ} [هود: ١٠٦] .
قوله: «لَهَا» متعلق بمحذوف على أنه حال من «شَهيقاً» لأنه في الأصل صفته، ويجوز أن يكون على حذف مضاف، أي: سمعوا لأهلها، وهي تَفُور: جملة حالية.
فصل في معنى الشهيق والزفير
قال القرطبيُّ: «والشهيق في الصدر، والزفير في الحلق، وقد مضى في سورة» هود «» .
وقوله: {وَهِيَ تَفُورُ} . أي: تغلي؛ ومنه قول حسَّان: [الوافر]
تَرَكْتُمْ قِدْركُمْ لا شيءَ فِيهَا ... وقِدْرُ القَوْمِ حَامِيَةٌ تَفورُ
قال مجاهد: تفور كما يفور الحب القليل في الماء الكثير.
وقال ابن عباس: تغلي بهم على المراجل، وهذا من شدّة لهب النار من شدّة الغضب كما تقول: فلان يفور غيظاً.
قوله: {تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الغَيْظِ} .
قرأ العامة: «تَميَّزُ» بتاء واحدة مخففة، والأصل «تتميَّز» بتاءين، وهي قراءة طلحة.
والبزي عن ابن كثير: بتشديدها، أدغم إحدى التاءين في الأخرى.
وهي قراءة حسنة لعدم التقاء الساكنين بخلاف قراءته {إِذْ تَلَقَّوْنَهُ} [النور: ١٥] ، و {نَاراً تلظى} [الليل: ١٤] وبابه.
وأبو عمرو: يدغم الدَّال في التاء على أصله في المتقاربين.
وقرأ الضحاك: «تَمَايَزُ» والأصل: «تتمايزُ» بتاءين، فحذف إحداهما.
وزيد بن علي: «تَمِيزُ» من «مَازَ» .