للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وهذا كله استعارة من قولهم: تميز فلان من الغيظ، أي: انفصل بعضه من بعض من الغيظ، فمن سببية، أي: بسبب الغيظ، ومثله في وصف كَلْب، أنشد عروة: [الرجز]

٤٧٩٨ - ... ... ... ... ... ... ... ... . ... يَكَادُ أنْ يَخْرُجَ مِنْ إهَابِهِ

قال ابن الخطيب: ولعل سبب هذا المجاز أن دم القلب يغلي عند الغضب، فيعظم مقداره، فيزداد امتلاء العروق، حتَّى تكاد تتمزَّق.

فإن قيل: النَّار ليست من الأحياء، فكيف توصف بالغيظ؟ .

قال ابن الخطيب: والجواب: أن البنية عندنا ليست شرطاً للحياة، فلعل الله - تعالى - يخلق فيها وهي نار حياة، أو يكون هذا استعارة يشبه صوت لهبها وسرعة مبادرتها بالغضبان وحركته، أو يكون المراد الزبانية.

فصل في تفسير الآية

قال سعيد بن جبير {تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الغَيْظِ} يعني تنقطع، وينفصل بعضها من بعض.

وابن عباس والضحاك وابن زيد: تتفرق من الغيظ من شدة الغيظ على أعداء الله تعالى.

قوله: {كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ} . تقدم الكلام على «كُلَّمَا» . وهذه الجملة يجوز أن تكون حالاً من ضمير جهنم.

والفَوْج: الجماعة من الناس، والأفْوَاج: الجماعات في تفرقة، ومنه قوله تعالى: {فَتَأْتُونَ أَفْوَاجاً} [النبأ: ١٨] والمراد هنا بالفوج جماعة من الكفار {سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَآ} وهم مالك، وأعوانه سؤال توبيخ وتقريع {أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ} ، أي: رسول في الدنيا ينذركم هذا اليوم، حتى تحذروا.

قال الزَّجَّاج: وهذا التوبيخُ زيادة لهم في العذاب.

قوله: {بلى قَدْ جَآءَنَا نَذِيرٌ} . فيه دليل على جواز الجميع بين حرف الجواب، ونفس الجملة المجاب بها إذ لو قالوا: بلى، لفهم المعنى، ولكنهم أظهروه تحسراً وزيادة في تغميمهم على تفريطهم في قبُول قول النذير؛ فعطفوا عليه: «فكَذَّبْنَا» إلى آخره.

<<  <  ج: ص:  >  >>