سماءٍ إلى سماءٍ، وفوقَ ظُهورهِنَّ العَرْشُ» ذكره القشيريُّ، وخرَّجهُ الترمذيُّ من حديث العباس بن عبد المُطلبِ.
وفي حديث مرفوع:«أنَّ حَمَلَةَ العرْشِ ثَمَانيَةُ أمْلاكٍ؛ على صُوَرِ الأوعالِ، ما بين أظْلافهَا إلى رُكَبِهَا مسِيْرةُ سبعِينَ عاماً للطَّائرِ المُسْرعِ» .
ورُوي أنَّ أرجلهنَّ في السَّماءِ السَّابعةِ.
فصل في إضافة العرش إلى الله
إضافة العرش إلى الله - تعالى - كإضافة البيت إليه، وليس البيتُ للسكنِ، فكذلك العرشُ، ومعنى «فوقهم» أي: فوق رءوسهم.
قال ابنُ الخطيب: قالت المشبِّهةُ: لو لم يكن اللَّهُ في العرشِ لكان حملُ العرش عبثاً لا فائدة فيه، لا سيما قد أكَّد ذلك بقوله:{يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ} ، والعرش إنَّما يكونُ لو كان الإلهُ حاضراً في العرش.
وأجاب: بأنه لا يمكن أن يكون المراد أنَّ الله - تعالى - جالس في العرش؛ لأن كل من كان حاملاً للعرش؛ كان حاملاً لكل ما كان في العرش فلو كان الإلهُ على العرش لزم أن يكون الملائكة حاملين لله تعالى، وذلك محالٌ؛ لأنه يقتضي احتياج الله إليهم، وأن يكونوا أعظم قدراً من الله، وكل ذلك كفرٌ، فعلمنا أنه لا بد فيه من التأويل، فنقول: السببُ في هذا الكلام هو أنه - تعالى - خاطبهم بما يتعارفونه، فخلق لنفسه بيتاً يزورونه ليس أنه يسكنه - تعالى الله عن ذلك - وجعل في ركن البيت حجراً، هو يمينه في الأرض إذْ كان من شأنهم أن يعظموا رؤساءهم بتقبيل أيمانهم، وجعل على العبادِ حفظةً لا لأن النسيان يجوزُ عليه سبحانه، وكذلك أنَّ الملك إذا أراد محاسبة عماله جلس على سريره، ووقفت الأعوانُ حوله، فسمى الله يوم القيامة عرشاً، وحفَّت به الملائكة لا لأنه يقعد عليه، أو يحتاجُ إليه، بل كما قلنا في البيت والطَّواف.
قوله:{يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ} هو جواب «إذَا» من قوله: «فَإذَا نُفِخَ» . قاله أبو حيَّان.
وفيه نظرٌ، بل جوابها ما تقدم من قوله:«وقَعَتِ الواقِعَةُ» و «تُعْرضُونَ» على هذا مستأنفة.