و «رصداً» إما مفعول له، وإما صفة له «شهاباً» أي «ذا رصد» وجعل الزمخشري: «الرصد» اسم جمع ك «حرس» ، فقال: والرصد: اسم جمع للراصد ك «حرس» على معنى: ذوي شهاب راصدين بالرجم وهم الملائكة ويجوز أن يكون صفة ل «شهاب» بمعنى الراصد، أو كقوله: [الوافر]
٤٩٠٠ - ... ... ... ... ... ... ... ....... ... ... ... . ومِعَى جَياعَا
فصل في بيان متى كان قذف الشياطين
اختلفوا: هل كانت الشياطينُ تقذف قبل البعث أو كان ذلك أمراً حدث لمبعث النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ؟
فقال قوم: لم تحرس السماء في زمن الفترة فيما بين عيسى ومحمد - عليهما الصلاة والسلام - خمسمائة عامٍ، وإنَّما كان من أجل بعثة النبي فلما بعث محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ منعوا من السموات كلِّها وحرست بالملائكة والشهب، قاله الكلبيُّ، ورواه عطية عن ابن عباس، ذكره البيهقي.
وقال عبد الله بن عمرو: لما كان اليوم الذي نُبِّىءَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ منعتِ الشياطينُ ورموا بالشُّهبِ.
وقال عبد الملك بن سابور: لم تكن السماء تحرس في الفترة بين عيسى، ومحمد - عليهما الصلاة والسلام - فلما بعث محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ حُرستِ السماءُ ورميتِ الشياطينُ بالشهب، ومنعت من الدنو من السماء.
قال نافع بن جبيرٍ: كانت الشياطين في الفترة تستمع فلا ترى، فلما بعث رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ رميت بالشهب، ونحوه عن أبي بن كعبٍ قال: لم يرم بنجم، منذ رفع عيسى - عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ - حتى نُبِّىءَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فرُمِيَ بها.
وقيل: كان ذلك قبل البعثِ، وإنِّما زادت بمبعث رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ إنذاراً بحاله.
وهو معنى قوله: «قَدْ مُلِئَتْ» ، أي: زيد في حرسها.
وقال أوس بن حجر - وهو جاهلي -: [الكامل]
٤٩٠١ - فانْقَضَّ كالدُّرِّيِّ يَتْبَعُهُ ... نَقعٌ يَثُورُ تَخالهُ طُنُبَا