للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قال الجاحظُ: «هذا البيت مصنوع، لأنَّ الرمي لم يكن قبل البعث» .

والقول بالرمي أصح لهذه الآية، لأنها تخبر عن الجن، أنَّها أخبرت بالزيادة في الحرس وأنها امتلأت من الحرس، والشهب.

وقال بشر بن أبي خازم: [الكامل]

٤٩٠٢ - والعِيرُ يَرْهَقُها الغُبَارُ وجَحْشُهَا ... يَنقَضُّ خَلفَهُمَا انقِضَاضَ الكَوْكَبِ

وروى الزهريُّ عن علي بن الحسين عن ابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهم - قال: بينما رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ جالس في نفر من الأنصار إذ رمي بنجم فاستنار فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: «مَا كُنتُمْ تقُولونَ في مِثْلِ هذا فِي الجَاهليَةِ»

قالوا: كُنَّا نقُولُ: يَمُوتُ عَظِيمٌ ابنُ عظيمِ، أو يولد عظيم [فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: «إنها لا ترمى لموتِ أحدٍ ولا لحياته، ولكنَّ رَبَّنَا - تبارك وتعالى - إذَا قَضَى أمْراً فِي السَّماءِ، سبَّح حملةُ العَرْشِ، ثُمَّ سَبَّحَ أهْلُ كُلِّ سماءٍ، حتَّى يَنتهِي التَّسبيحُ إلى هذه السَّماءِ، ويَسْتَخْبِر أهْلُ السَّماءِ: ماذا قال ربُّكمْ، فيُخْبَرُون، ويُخبر أهْلُ كُلِّ سماءٍ، حتَّى يَنْتَهِي الخَبَرُ إلى هذه السَّماءِ فتَخْطفُهُ الجنُّ، فيروونه كما جاءُوا به فهو حقٌّ ولكنَّهم يزيدُون فيه»

وهذا يدلُّ على أن هذه الشهب كانت موجودة قبل البعث، وهو قول الأكثرين.

قال الجاحظ: فلو قال قائلٌ: كيف تتعرض الجنُّ لإحراق نفسها بسماع خبرٍ بعد أن صار ذلك معلوماً عندهم؟ .

فالجوابُ: أنَّ الله تعالى ينسيهم ذلك، حتى تعظم المحنة كما ينسى إبليس في كل وقت أنه لا يسلم، وأن الله - تعالى - قال له: {وَإِنَّ عَلَيْكَ اللعنة إلى يَوْمِ الدين} [الحجر: ٣٥] ، ولولا هذا لما تحقق التكليف.

قال القرطبيُّ: «والرَّصدُ» ، قيل: من الملائكة، أي: ورصداً من الملائكة، وقيل: الرَّصَد هو الشهب، والرصد: الحافظ للشيء، والجمع أرصاد، وفي غير هذا الموضع يجوز أن يكون جمعاً كالحرس، والواحد: راصد.

وقيل: الرَّصَد هو الشهاب، أي: شهاب قد أرصد له ليرجم به فهو «فعل» بمعنى «مفعول» ك «الخَبَط والنفض» .

قوله: {وَأَنَّا لَا ندري أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَن فِي الأرض} ، في {أَشَرٌّ أَرِيدَ} وجهان:

<<  <  ج: ص:  >  >>