قال ابن عباس ومجاهد وغيرهما: أتوا بها على قدر ريِّهم بغير زيادة ولا نقصان، قال الكلبي: وذلك ألذّ وأشهى، والمعنى: قدرتها الملائكة التي تطوف عليهم، وعن ابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما - قدروها على ملء الكف لا يزيد ولا ينقص حتى لا تؤذيهم بثقل، أو بإفراط صغر.
وقرأ علي، وابن عباس، والسلمي، والشعبي، وزيد بن علي، وعبيد بن عمير، وأبو عمرو في رواية الأصمعي:«قُدِّروها» بضم القاف وكسر الدال مبنياً للمفعول أي: جعلت لهم على قدر إرادتهم.
وجعله الفارسي من باب المقلوب، قال: كان اللفظُ قدروها عليها، وفي المعنى قلب؛ لأن حقيقة المعنى أن يقال: قدرت عليهم، فهي مثل قوله تعالى:{لَتَنُوءُ بالعصبة أُوْلِي القوة}[القصص: ٧٦] ، ومثل قول العرب: إذا طلعت الجوزاء، ألقى العود على الحرباء.
قال الزمخشري: ووجهه أن يكون من قدر منقولاً، تقول: قدرت الشيء وقَدّرَنِيهِ فلان: إذات جعلك قادراً له، ومعناه: جعلوا قادرين لها كما شاءوا وأطلق لهم أن يقدروا على حسب ما اشتهوا.
وقال أبو حاتم: قدرت الأواني على قدر ريهم ما لم يسمَّ فاعله فحذف الري فصارت الواو مكان الهاء والميم لما حذف المضاف مما قبلها، وصارت الواو مفعول ما لم يسم فاعله، واتصل ضمير المفعول الثاني في تقدير النصب بالفعل بعد الواو التي تحولت من الهاء والميم حتى أقيمت مقام الفاعل.
وفي هذا التخريج تكلف مع عجرفة ألفاظه.
وقال أبو حيان: والأقرب في تخريج هذه القراءة الشاذة أن يكون الأصل: قدر ريهم منها تقديراً، فحذف المضاف وهو الري، وأقيم الضمير بنفسه، فصار قدروها، فلم يكن فيه إلا حذف مضاف، واتساع في الفعل.
قال شهاب الدين: وهذا منتزع من تفسير كلام أبي حاتم.
وقال القرطبي: وقال المهدوي: من قرأها «قدروها» فهو راجع إلى معنى القراءة