للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

الأخرى، وكأن الأصل: قدروا عليها، فحذف حرف الجر، والمعنى: قدرت عليهم؛ وأنشد سيبويه البيت [البسيط]

٥٠٤٧ - آلَيْتُ حَبَّ العِرَاقِ الدَّهْرَ آكُلُهُ ... والحَبُّ يأكُلهُ في القَرْيَةِ السُّوسُ

وذهب إلى أن المعنى: على حبّ العراق، وقيل: هذا التقدير: هو أن الأقداح تطير فتغرف بمقدار شهوة الشَّارب، وذلك قوله تعالى: {قَدَّرُوهَا تَقْدِيراً} .

أي: لا يفضل عن الري ولا ينقص منه، فقد ألهمت الأقداح معرفة مقدار ري المشتهي حتى تغترف بذلك المقدار. ذكر الحكيم الترمذي في «نوادر الأصول» .

قوله: {وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْساً} . وهي الخمر في الإناء {كَانَ مِزَاجُهَا زَنجَبِيلاً} ، «كان» صلة، أي: مزاجها زنجبيل، أو كان في حكم الله زنجبيلاً، وكانت العرب يستلذُّون من الشراب ما يمزج بالزنجبيل لطيب رائحته؛ لأنه يحذو اللسان، ويهضم المأكول، ويحدث في المشروب ضرباً من اللّذع، فرغبوا في نعيم الآخرة بما اعتقدوه نهاية النعمة والطيب.

والزنجبيل: نبث معروف؛ وسميت الكأس بذلك؛ لوجود طعم الزنجبيل فيها؛ وأنشد الزمخشري للأعشى: [المتقارب]

٥٠٤٨ - كَأنَّ القَرنْفُلَ والزَّنْجَبِي ... لَ بَاتَا بِفيهَا وأريْاً مَشُورا

وأنشد للمسيب بن علس يصف ثغر امرأة: [الكامل]

٥٠٤٩ - أ - وكَأنَّ طَعْمَ الزَّنْجبيلَِ بِهِ ... إذْ ذُقْتُهُ وسُلافَة الخَمْرِ

ويروى: وسلافَةُ الكَرْمِ.

وقال مجاهد: «الزنجبيل» اسم للعين التي منها مزاج شراب الأبرار، وكذا قال قتادة: وقيل: هي عين في الجنة يوجد فيها طعم الزنجبيل.

والمعنى: كأن فيها، وتكون قد عطفت «رأيت» الثاني على الأول، ويكون فعل الجواب محذوفاً، ويكون فعل الجواب المحذوف هو الناصب لقوله تعالى: {نَعِيماً} والتقدير: إذا صدر منك رؤية؛ ثم صدر منك رؤية أخرى رأيت نعيماً وملكاً فرأيت هذا هو الجواب.

<<  <  ج: ص:  >  >>