لَهَا زَمْزَمَ، وأجاب دُعَاءَها، وجعل فِعْلَها طاعةً لجميع المكلَّفين إلى يَوْم القيَامَة.
قوله [تعالَى] : «فَمنْ حَجَّ البَيْتَ» .
«مَنْ» : شَرْطِيَّةٌ في محلِّ رفع بالابتداء و «حَجَّ» : في مَوْضِع جزمٍ بالشرط و [البيت «نصبٌ على المفعول به، لا على الظَّرْف، والجوابُ قوله: {فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ} .
و» الحَجُّ «: قال القَفَّال - رَحِمَهُ اللهُ - فِيه أَقْوَالٌ:
أحدها: أنَّ الحَجَّ في اللغةِ كَثْرَةُ الاخْتِلافِ إلى الشَّيءِ والتردُّد إليه، فإنَّ الحاجَّ يأتيه أوّلاً؛ لِيَزُورَهُ، ثُمَّ يعودُ إلَيْه للطَّوَاف، ثم ينصرفُ إلى مِنَى، ثم يَعُودُ إليه؛ لطَوَافِ الزِّيارة، [ثم يَعُودُ لطَوافِ الصَّدر] .
وثانيها: قال قُطْرُبٌ [الحَجُّ] الحَلْقُ، يقال: احْجُجْ شَجَّتَكَ، وذلك أن يقطع الشعر من نواحي الشَّجَّة؛ ليدخل القدحُ في الشَّجَّة.
وقال الشاعر: [الطويل]
٨٥٣ - وَأشْهَد مِنْ عوفٍ حُلُولاً كَثِيرَةً ... يَحُجُّونَ سِبَّ الزِّبْرِقَانِ المُعَصْفَرَا
» السِّبُّ «: لفظٌ مشتَرَكٌ، قال أبُو عُبَيْدَةَ: السِّبُ، بالكَسْرِ: السِّبَابُ، وَسِبُّكَ أيضاً: الذي يُسَابُّكَ؛ قال الشاعر: [الخفيف]
٨٥٤ - لَا تَسُبَّنَّني فَلَسْتَ بِسِبِّي ... [إنَّ سِبِّي] مِنَ الرِّجَالِ الكَرِيم
والسِّبُّ أيضاً: الخِمَارُ والعِمَامَةُ.
قال المُخَبَّلُ السَّعْدِيُّ: [الطويل]
٨٥٥ - ... ... ... ... ... ... ..... يَحُجُّونَ سِبَّ الزِّبْرِقَانِ المُعَصْفَرَا
والسِّبُّ أيضاً: الحَبْلُ في لغة هُذَيل؛ قال أبُو ذُؤَيْبٍ: [الطويل]
٨٥٦ - تَدَلَّى عَلَيْهَا بَيْنَ سِبٍّ وَخَيْطَةٍ ... بِجَرْدَاءَ مِثْل الوكْفِ يَكْبُوا غُرابُهَا