وقوله:{هُمْ شَرُّ البرية} ، أي: شر الخليقة، فقيل: يحتمل أن يكون على التعميم.
وقال قوم: أي هم شرُّ البرية الذين كانوا في عصر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ كقوله تعالى: {وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى العالمين}[البقرة: ٤٧] ، أي: على عالمي زمانكم، ولا يبعد أن يكون في كفار الأمم قبل هذا من هو شرّ منهم، مثل: فرعون، وعاقر ناقة صالح، وكذا قوله:{خَيْرُ البرية} إما على التعميم، أو خير برية عصرهم، وقد استدل بقراءة الهمزة من فضل بني آدم على الملائكة.
وقال أبو هريرة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْه -: المؤمن أكرم على الله - عزَّ وجلَّ - من بعض الملائكة الذين عنده.
وقرأ العامة:{خَيْرُ البرية} مقابلاً ل «شرّ» .
وقرأ عامر بن عبد الواحد:«خِيارُ البريَّةِ» وهو جمع «خير» نحو: جِيَاد، وطِيَاب، في جمع جيد وطيب؛ قاله الزمخشريُّ. قال ابن الخطيب: وقدم الوعيد على الوعد، لأنه كالداء، والوعد: كالغذاء والدَّواء، فإذا بقي البدن استعمل الغذاء، فينتفع به البدن، لأن الإنسان إذا وقع في شدة رجع إلى الله تعالى، فإذا نال الدنيا أعرض.
قال ابن الخطيب: قال بعض الفقهاء: من قال: لا شيء لي على فلان انتفى الدين، وله أن يدعي الوديعة، وإن قال: لا شيء لي عنده انصرف إلى الوديعة دون الدين، ولإن قال: لا شيء لي قبلهُ انصرف إليهماً معاً، فقوله تعالى:{عِندَ رَبِّهِمْ} يفيد أنها أعيان مودعة عنده، والعين أشرف من الدين، والضمان إنما يرغب فيه خوف الهلاك، وهو محال في حقه تعالى. وتقدم الكلام على نظيره.
قوله:{خَالِدِينَ فِيهَآ} ، حال عامله محذوف، تقديره: ادخلوها خالدين، أو أعطوها، ولا يجوز أن يكون حالاً من الضمير المجرور في «جزَاؤهُم» لئلا يلزم الفصلُ بين المصدر ومعموله بأجنبي، على أنَّ بعضهم: أجازه من «هم» واعتذر هنا بأن المصدر غير مقدر بحرف مصدري.