قال أبو البقاء: وهو بعيد، وأما «عِند ربِّهِمْ» فيجوز أن يكون حالاً من «جَزاؤهُمْ» ، وأن يكون ظرفاً له، و «أبَداً» ظرف مكان منصُوب ب «خالدِيْنَ» . أي لا يظعنون ولا يموتون.
قوله:{رِّضِىَ الله عَنْهُمْ} ، يجوز أن يكون دعاء مستأنفاً، وأن يكون خبراً ثانياً، وأن يكون حالاً ثانياً بإضمار «قَد» عند من يلزم ذلك.
قال ابن عباس:«رضي اللهُ عنهُمْ ورَضُوا عنه» أي: رضوا بثواب الله تعالى.
قوله:{ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ} أي: ذلك المذكور من استقرار الجنة مع الخلود.
أي: خاف ربه، فتناهى عن المعاصي.
روى أنس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْه - «أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قال لأبيِّ بن كعب: إن الله تَعالَى أمَرنِي أنْ أقْرَأ عليْكَ: {لَمْ يَكُنِ الذين كَفَرُواْ} ، قال: وسمَّاني لك؟ قال - عليه الصَّلاة والسلام -:» نَعم «فبكى» خرجه البخاري ومسلم.
قال القرطبيُّ:«من الفقه قراءة العالم على المتعلم» .
قال بعضهم: إنما قرأ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ على أبيٍّ، ليعلم الناس التواضع لئلا يأنف أحد من التعليم والقراءة على من دونه من المنزلة.
وقيل: إن أبياً كان أسرع آخذاً لألفاظ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ويعلم غيره، فأراد بقراءته عليه أن يأخذ ألفاظه ويقرأ كما سمع منه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، وفيه فضيلة عظيمة لأبيّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْه وعن بقية الصحابة أجمعين إذ أمر صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أن يقرأ عليه. والله أعلم.